3 مارس، 2023


–         الاماراتيون في المرتبة الأولى بفضل استثمارات الرفاه والسوريون في المرتبة الأخيرة بسبب الحرب

–         الاماراتيون الأفضل على المدى البعيد بفضل الاستثمار في أجيال المستقبل

–         شباب منطقة المغرب العربي يعانون من زيادة التهميش

–         اقبال غير مسبوق من التونسيين على الهجرة السرية

–         الكويتيون محظوظون بأفاق الاستقرار

–         تقدم السعوديين في المؤشر بفضل الرهان على الاستثمار في القدرات البشرية

–         تقدم العراقيين والليبيين في مؤشر التفاؤل بسبب الثروات النفطية وإمكانية حدوث تغيير مستقبلي

–         تأخر الفلسطينيين في الترتيب بسبب تجدد الصراعات وتأخر حسم حل لدولتهم

–         تقدم المصريين في الترتيب بسبب مشروعات ضخمة وزيادة استقطاب طالبي العمل وتحسن الخدمات والبنى التحتية رغم استمرار تحديات الفقر وتدني التعليم

 

ادارة أبحاث المركز

(MenaCC)

الكويت 03 مارس 2023: زاد عدد المحبطين عموماً في العالم العربي حيال النظرة المستقبلية قريبة المدى للحياة في دولهم على إثر تراكم تداعيات أزمات داخلية وخارجية متلاحقة آخرها جائحة فيروس كورونا وتأثيرات الحرب في أوكرانيا، في المقابل استقر نمو عدد المتفائلين بمستقبل الازدهار في دولهم رغم التحديات الراهنة.

وقد تكون مؤشرات مثل حركة الهجرة ونسب الفقر والبطالة ومدركات الفساد وتطور الجريمة بين أهم العوامل المؤثرة على مؤشر التفاؤل اما سلباً في حال ارتفاعها وفي حال انخفاضها فهي تؤثر ايجاباً في محفزات النظرة المتفائلة للمستقبل خاصة بين شريحة الشباب الى جانب تقييم مسارات الاستقرار السياسي والاجتماعي والأمني وتوقعات النمو فقط على المديين القريب والمتوسط.

يقدم الإصدار السنوي لمركز الشرق الأوسط للاستشارات السياسية والاستراتيجية (MenaCC) دارسة تضمنت تصنيفاً عربياً جديداً يعرف بـMenaCC Optimism Index  لمحفزات التفاؤل والرفاه على المديين القريب والمتوسط بين العرب وخاصة بين فئة الشباب بالاعتماد على قياس مؤشرات مختلفة بما فيها التزام الحكومات بالاستثمار في رفاه الشباب الذين يمثلون اليوم خاصة منهم دون سن الأربعيين مع احتساب نسبة الأطفال أكثر من ثلثي اجمالي سكان العرب.

 

حسب النتائج التي توصل اليها البحث، فان شريحة كبرى من المجتمعات العربية باتت لا تعتمد على احصائيات ووعود ومؤشرات حكومية فقط فيما يتعلق بالنظرة المستقبلية لفرص الازدهار والتنمية في البلاد، حيث تقلصت الثقة الشعبية في السياسيين في عدد من الدول العربية خاصة تلك التي تتعثر تنميتها باستمرار دون تحقيق نتائج تعود بالنفع المباشر على المواطن.

كما تأثر رصيد التفاؤل في كل دولة باتجاهات الاستقرار السياسي والهشاشة الاقتصادية بجانب عوامل أخرى مثل نسبة تمكين الشباب من مراكز القرار ونسبة التوظيف وتطوير المهارات وجودة التعليم ونسب الابداع والابتكار والتأثر بالتغيرات المناخية.

على صعيد آخر، باتت شريحة كبرى من الشباب استفادت من زيادة انتشار الهواتف الذكية والربط بالإنترنت، تُقيّم وفق مقاييسها الخاصة، النظرة المستقبلية للازدهار بدولها بفضل زيادة النفاذ الى المعلومات من خلال مصادر مختلفة أكثرها غير حكومية، ووفق محددات أبرزها محفزات التفاؤل أو مبررات التشاؤم خاصة بالنظر لاتجهات التوظيف ودخل الفرد وحركة الهجرة واللجوء.

وأخذت الدراسة بعين الاعتبار تأثير أداء السياسات الداخلية للحكومات، وتداعيات الأزمات الخارجية أبرزها جائحة كورونا وآثار الحرب في أوكرانيا الآخذة في الاتساع يوماً بعد يوم على محفزات التفاؤل إزاء النظرة لمستقبل الحياة في بعض الدول. وعلى أساس هذه النظرة الشاملة التي تتضمن مؤشرات مختلفة لقياسها، يزيد عدد المتفائلين أو ينقص عدد المتشائمين.

الهدف الرئيسي من قياس مؤشر التفاؤل والرفاه (MenaCC OPTIMISM INDEX) أو اختصاراً (MOI) هو مساعدة صناع القرار والقراء على إدراك أهمية دور التفاؤل والايجابية كمؤشر يمكن قياسه عبر مستويات مختلفة في الدول العربية كقياس رفاهية الإنسان ومستقبل الازدهار بالنظر الى معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي ومؤشرات التنمية البشرية.

ويأخذ المؤشر في الاعتبار تطور نصيب الفرد من الناتج المحلي الاجمالي، وبالتالي محددات ظروف المعيشة والرفاه كالفقر والبطالة ومدى الاتصال بالانترنت وقدرة الابداع، إلى جانب مؤشرات أخرى اقتصادية وغير اقتصادية. وتناول البحث دراسة المؤشرات التالية على غرار (مؤشر الاستقرار السياسي[1]، دخل الفرد[2]، حالة السلم السلام[3]، اتجاهات ظاهرة العنف والجريمة[4]، الفقر[5]، تطور الدين العام[6] والتضخم[7]، بطالة الشباب[8]، توقعات النمو[9] في 2023، مستويات فاعلية الأداء الحكومي وتأثير البيروقراطية[10]، مخاطر الفساد[11]، طلبات اللجوء[12]، ممارسة الحريات[13]، حالة الرفاه وجودة الحياة[14] ومقومات السعادة[15]، درجة الأمان الصحي والاستجابة للأوبئة[16]، الاحتياطات المالية وثروات أجيال المستقبل[17])، وهذا فضلا عن دراسة مؤشرات المتغيرات المناخية المرتبطة بتقييم المناطق الأكثر تميزا بجودة الهواء الصحي[18].

كما ركز البحث على تقييم أداء الحكومات في مؤشرات التنمية البشرية[19] والابتكار[20]، وتنمية الشباب[21]،والتحول الرقمي خاصة في منظومة التعليم وتحسين جودته، حيث تم الأخذ بعين الاعتبار مؤشر جودة التعليم عن بعد كإحدى مجالات التي ميزت تفاوت قدرات الدول في التكيف مع قيود الجائحة بالإضافة للتباين في توفير ضمان الأمن الغذائي الذي يعتبر أكثر المجالات التي تأثرت بالوباء، فضلاً عن قياس واقع الحريات الفردية وجهود دمقرطة الأنظمة التي تشمل دراسة نجاعة دولة المؤسسات وحالة انفاذ القانون والمساواة في تطبيقه، مع ادراج مؤشرات أخرى كحجم الدخل السنوي للأفراد[22] ونسبة البطالة[23]. فوق ذلك تمت دراسة مؤشر استعدادات الحكومات لمخاطر التغيرات المناخية[24]، حيث يتم تقييم حالة الأمان ضد الكوارث الطبيعية.

من خلال نتائج الدراسة تم العثور على سمات مشتركة معينة بين أفضل الدول التي تتمتع بمحفزات تفاؤل شبابها. حيث يتمتع السواد الأعظم من سكان هذه الدول المحظوظة بإمكانية الوصول إلى الموارد الأساسية وفرص العيش الكريم مع زيادة ملحوظة في نصيب الأفراد من الناتج المحلي الإجمالي فضلا عن الاستفادة الشعبية الملموسة من الاستثمارات الهادفة لتحسين جودة حياة أحيال المستقبل، مع تقييم تحسن البنى التحتية التي تحث بقوة على الابتكار. معظم هذه المؤشرات مرتبطة بالاستقرار السياسي والاقتصادي والاندماج المجتمعي.

وفي المقابل، هناك سمات مشتركة أيضاً بين البلدان الأقل توفيرا لمحفزات التفاؤل لشبابها. اذ أن أغلبها على سبيل المثال لديها معدلات عالية من الهجرة وطلب اللجوء إلى الخارج، فضلا عن انخفاض في جودة التعليم ومعدلات الابتكار. فوق ذلك، تم رصد مستويات منخفضة في إمكانية وصول الأفراد إلى الخدمات الأساسية، وتذبذب نسبي في نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي.

وقد استنتج البحث زيادة تدفقات المهاجرين غير الشرعيين من دول عربية في مرحلة أوج انتشار الوباء وما بعدها، ما يعكس عدم اكتراث جزء كبير من العرب خاصة فئة الشباب بمخاطر الوباء والهجرة غير الشرعية، في ظل تردي الأوضاع المعيشية وفقدان الأمل في تغيير ايجابي وسريع يحسّن من حياتهم أو يفتح أفقاً لتغيير إيجابي. وتم رصد زيادة تدفقات النازحين والمهاجرين واللاجئين خاصة من تونس وليبيا والمغرب والجزائر ومصر ولبنان وسوريا والسودان.

وتجدر الإشارة إلى أنه من الصعب احصاء المهاجرين العرب في العالم، في ظل وجود ملايين من الشتات العربي لم يتم احصائه رسمياً ضمن تقديرات الجاليات العربية في الخارج، وذلك بسبب الطرق غير القانونية لسفر واقامة عدد كبير من الشباب العربي  في دول أجنبية. وهو ما يزيد من تعميق أزمة المهاجرين العالقين، ويضطر الحكومات الى الإسراع بمعالجة أسباب الهجرة غير النظامية. فعلى سبيل المثال، لا تستطيع كل من تونس ومصر والمغرب والجزائر إحصاء عدد جالياتها في الخارج بشكل دقيق، اذ توجد ألاف غير مدرجة في الإحصاءات الرسمية للجاليات لكونها مقيمة بصفة غير قانونية.

ترتيب شباب منطقة المغرب العربي والشرق الأوسط تباين حسب مؤشرات كثيرة، في المقابل تصدر أغلب الشباب الخليجي مؤشر التفاؤل عربياً على المديين القريب والمتوسط. الا أن تحديات التغيرات المناخية وتداعياتها القاسية على دول الخليج قد تحد من نظرة التفاؤل على المدى البعيد ان لم تسارع حكوماتها في التأقلم والاستجابة لمتطلبات تغيرات المناخ التي تحدث بوتيرة أسرع من التوقعات الحكومية، وهو ما قد يمثل احدى أهم المخاطر المستقبلية أمام أجيال المستقبل.

تم تقسم الدول العربية الى 3 مجموعات: المجموعة الأولى تفوقت فيها عوامل التفاؤل على التشاؤم بفضل تحسن ظروف الحياة وتعزز الفرص. في هذه المجموعة تصدر الاماراتيون تصنيف أكثر الشعوب العربية تفاؤلاً ورفاهية، ليحل القطريون في المرتبة الثانية، فالكويتيون في المرتبة الثالثة، ليأتي البحرينيون في المرتبة الرابعة. في المرتبة الخامسة حلّ السعوديون، أما المرتبة السادسة فكانت من نصيب العمانيين.

 

في المرتبة السابعة حلّ الجزائريون، فالأردنيون في المرتبة الثامنة، ليأتي المغربيون في المرتبة التاسعة، فالتونسيون في المرتبة العاشرة. في المرتبة الحادية عشر جاء المصريون، ليحلّ الليبيون في المرتبة الثانية عشر، فالعراقيون في المرتبة الثالثة عشر، فاللبنانيون في المرتبة الرابعة عشر. وقد تراوحت في هذه المجموعة عوامل التفاؤل والتشاؤم بين التحسن والتدهور.

في المجوعة الثالثة، هيمنت عوامل التشاؤم بدل التفاؤل خاصة في الدول التالية أبرزها موريتانيا، حيث حلّ الموريتانيون في المرتبة الخامسة عشر، ليأتي الفلسطينيون في المرتبة السادسة عشر، يليهم اليمنيون في المرتبة السابعة عشر، فالسودانيون في المرتبة الثامنة عشر، ليتذيل السوريون الترتيب العام بسبب تدهور مؤشرات التفاؤل وتقلص فرص الازدهار وتردي جودة الحياة وزيادة الطلب على الهجرة.

تفاصيل التصنيف حسب كل دولة:

1-    الاماراتيون

تصدر الاماراتيون تصنيف أكثر الشباب العربي تفاؤلاً لعام 2023. وتميز الاماراتيون بحصولهم على أكثر المحفزات الإيجابية عالمياً، والتي تحفز المواطن الاماراتي للتفاؤل بمستقبل جودة حياته حتى على المدى البعيد.

الإماراتيون تقدموا أشواطاً كبيرة في تحسين مؤشرات التنمية البشرية والابتكار وتسهيل المعاملات وتقليص الفساد والبيروقراطية وإتاحة فرص أكبر لتمكين الشباب (أنظر الجداول في الأسفل). كما تضاعف حجم الاستثمار في رفاه المواطن الاماراتي، وهو ما عزز من مؤشرات التفاؤل.

ويعتبر الاماراتيون أكثر شعوب الخليج والمنطقة العربية والعالم الذين ينعمون بالرفاه النفسي بالنظر للعوامل المتوفرة والتي تدعم التفاؤل للمواطنين حتى في أحلك الأزمات على غرار جائحة فيروس كورونا، حيث تعمل الدولة في الامارات على تعزيز الرفاه الصحي والنفسي للمواطن وتوفير خدمات عن بعد، وهذا الاستثناء الاماراتي دلالة على حرص الحكومة على تعزيز الرعاية الشاملة للمواطن، وهذا ما جعل الاماراتيون متقدمين في مؤشر أمل الحياة.

كما يدعم تفاؤل الاماراتيين تسارع وتيرة الاستثمار الحكومي والخاص في مستقبل بيئة أجيال الغد عبر التقدم في بناء عالم عصري يعتمد على الذكاء التكنولوجي من أجل اسعاد المواطنين، وكان قد تم انشاء وزارة للسعادة تعمل على توفير مقومات سعادة المواطن الاماراتي حاضرا ومستقبلاً. كما أنشأت وزارة تدعى “اللامستحيل” كهيئة حكومية غير مسبوقة عالمياً هدفها رفع تحديات كثيرة في المستقبل أبرزها الابتكار وتحويل الامارات الى وجهة عالمية للأعمال والتكنولوجيا وكانت قد صنفت أيضا كأفضل بلد تتوفر فيه جودة الحياة لأجيال المستقبل.

وفي حين لا تتوفر لا بالإمارات أو قطر أي نسبة تذكر للفقر (أنظر الجدول)، تبقى هناك تحديات طفيفة بالنسبة للإمارات فيما يتعلق بدعم توظيف المواطنين خاصة الشباب منهم، تَحدٍّ لا تواجهه قطر بفضل تدني نسبة البطالة لديها التي لا تكاد تتعدى الصفر، وهذا يعود لمحدودية ضغط الطلب على العمل بسبب محدودية الحجم الديمغرافي القطري وهو ما يسهل استيعاب جل طالبي الوظائف على الأرجح.

الى جانب التوظيف الذي تعمل الحكومة الاماراتية على تعزيز فرصه أمام الشباب، لا توجد نسبة تذكر لطلب الهجرة أو اللجوء من الامارات بفضل ترسخ مقومات الحياة المثالية لأجيال الشباب (أنظر الجدول).

وتتنافس الامارات مع قطر في الاستثمار في أجيال المستقبل. وبالمقارنة مع قطر تتقدم الامارات أشواطاً كثيرة في رسم عالم أجيال المستقبل من ناحية المشاريع والبنى التحتية مع المراهنة على تعزيز التنمية البشرية وتنويع إيرادات الدخل والتخلي التدريجي عن الاعتماد على النفط وصنع مناخ حياة في المستقبل صديق للبيئة، وهو مسار بدأت تعمل على تحقيقه قطر أيضاً لكنها في المراحل الأولى.  وبالتالي واعتمادا على مؤشرات كثيرة خاصة فيما يتعلق بالإجراءات والاستثمارات التي تعني بأجيال المستقبل، فان الامارات تتقدم على المدى البعيد في مؤشر التفاؤل على قطر بدعم من تعزز احتياطات الإمارات المالية الضخمة المخصصة لأجيال المستقبل في صناديق سيادية تجاوزت قيمتها التريليون دولار، حيث تعتبر بين أكثر دول العالم حيازة على احتياطات مالية تدعم الازدهار في المستقبل (أنظر الجدول).

2-     القطريون

حلّ القطريون في المرتبة الثانية عربياً في مؤشر محفزات التفاؤل. وصنفوا كثاني أكثر الشباب العربي الذين يمتلكون محفزات تفاؤل على المديين القريب والمتوسط، حيث يتصدرون بجانب الاماراتيين مؤشرات عدة لعل أبرزها مؤشر نصيب الفرد من الدخل ومؤشر السلام والأمان بالنظر للتهديدات المحدقة أو الجريمة.

دعمت الحكومة القطرية بشكل خاص توظيف الشباب، حيث يصنفون بالأكثر حظا عالميا في الحصول على فرص وظيفية. يعد معدل البطالة بين الشباب القطري صفري تقريباً. حسنت قطر من البيئة التعليمية والصحية للشباب ودعمت تمكينه من الاندماج السريع في شتى المجالات ومراكز اتخاذ القرار. في المقابل، لا توجد نسبة تذكر لطلب الهجرة أو اللجوء بين الشباب القطري بفضل تعزز البيئة المحفزة لقدرات الشباب خاصة على مستوى الابتكار والابداع (أنظر الجدول).

واستمرت قطر في المحافظة على ترتيب عالمي متقدم كأفضل بلد في العالم من ناحية تدني معدلات الجريمة وتعزز الأمن، اذ تقلصت دوافع الجريمة بفضل تعزز مقومات التنمية البشرية وثقافة السلم الاجتماعي التي تعززها الدولة في سلوك وثقافة مواطنيها عبر برامج التعليم والتدريب ومؤسسات الثقافة والترفيه. كما راهنت الحكومة القطرية على تحفيز مقومات رفاه المواطنين ودعمت جودة تعليمهم وتوظيفهم والحرص على تعزيز فضاء للعيش صديق للبيئة.

كما يعود الفضل لتصدر القطريين مؤشر التفاؤل عربياً لتنظيم كأس العالم الذي بدوره يحمل تميزا استثنائيا للقطريين ودفعة لهم لمزيد التفاؤل مستقبلاً بتطور بيئة بلدهم واستجابتها لمعايير البيئة المثالية.

وعاد تنظيم المونديال بالمنافع على الشباب القطري خاصة على مستوى زيادة جلب استثمارات خارجية وتعزز موقع البلاد كوجهة أعمال وعمل أمنة وهو ما سيدعم تحقق رؤية قطر المستقبلية لصالح ازدهار أجيال المستقبل.

كما حققت قطر تقدما في تحسين مؤشرات الرعاية الصحية وجودة التعليم وعززت من التحول الى الاقتصاد الصديق للبيئة فضلا عن زيادة الاستثمارات في جودة الحياة. كذلك ينعم القطريون بميزة امتلاك احتياطي مالي ضخم لأجيال المستقبل مع توقعات باستمرار تحسن دخل الفرد بالنظر لتوقعات استمرار تعافي النفط والغاز وهذا ما سيدعم تدفقات مالية لصالح الموازنة القطرية، وهو ما يجعل قطر باستمرار وجهة جاذبة وليست طاردة للباحثين عن مستقبل زاهر (أنظر المؤشرات في الجدول المصاحب).

3-    الكويتيون

في المرتبة الثالثة جاء الكويتيون، ويعزى هذا الترتيب المتقدم في مؤشر التفاؤل لعدة أسباب لعل أبرزها زيادة رهان الدولة على التعويل على الكفاءات الكويتية والاستثمار في تنمية الشباب (الأولى عربياً) وتمكين الموهوبين منهم فرصا أكبر في المشاركة في تحقق رؤية الكويت المستقبلية.

وان تراهن الكويت على الطاقات الشابة الا أنها لم تعتمد سياسة وطنية للشباب مستقلة بذاتها، مع محدودية نجاعة الحلول المطروحة لتوظيفهم، اذ تستمر نسبة بطالة الشباب مرتفعة عند 17 في المئة (أنظر الجدول في الأسفل). ورغم ذلك تبقى سوق العمل الكويتية واعدة، حيث تعتبر وجهة مفضلة للمهاجرين اليها. بالنسبة للهجرة من الكويت، عدد محدود جدا من سكان البلاد من يرغب في الهجرة أو اللجوء وذلك بفضل بيئة التعايش الجاذبة. فوق ذلك، تعززت ممارسة الحريات، بفضل قرارات العفو الأميري عن بعض السياسيين والمعارضين وهو ما انعكس ايجابا على مناخ التسامح والحريات. وهذا ما يدعم نظرة تفاؤل الكويتيين وسكان البلاد حول اتجاهات الرفاه رغم التحديات الضخمة.

الى ذلك دعم التداول السلمي على السلطة في الكويت مؤشر التفاؤل إزاء استشراف الاستقرار السياسي. كما دعمت النظرة المتفائلة لمستقبل الكويت أولويات الإصلاح الجديدة خاصة إحلال الوظائف وتعديل التركيبة السكانية والتقليص التدريجي للعمالة الوافدة الهامشية، بالإضافة الى تعزيز أولويات انفاذ القانون ومكافحة الفساد التي يشرف على انجازها الأمير بنفسه.

وعلى صعيد آخر، لا تعتبر حياة الرفاه للمواطن الكويتي مهددة على المديين القريب والمتوسط في ظل توقعات دولية باستمرار الطلب على النفط ما يدعم إيرادات الدولة. الى ذلك فان دعم التوجه لتنويع إيرادات البلاد وتشجيع المبادرات الشبابية في العمل الخاص يدعم التفاؤل لدى الكويتيين من جيل الشباب على وجه الخصوص.

من جهة أخرى، لا تواجه الكويت أي تهديدات داخلية او خارجية مباشرة وهو ما يدعم مستقبل الاستقرار. لكن تبقى قضايا داخلية غير محسومة من تؤثر سلباً على النظرة المستقبلية المتفائلة، ولعل أبرزها محدودية الاستقرار الحكومي والتعويل المفرط المستمر على النفط المسبب في زيادة حجم التلوث. وبالإضافة الى هذه القضايا العالقة برزت مؤشرات مقلقة أيضاً انعكست سلباً على مؤشر التفاؤل وان بشكل محدود وتتمثل في تحديات نسبة الجريمة وضرورة فهم دوافعها مع ارتفاع موزاي للإصابات بالأمراض النفسية والعقلية في إشارة الى مدركات الاكتئاب وهي مؤشرات مقلقة (أنظر جدول المؤشرات المصاحب).

4-    البحرينيون

في المرتبة الرابعة حلّ البحرينيون. حيث استثمرت الحكومة البحرينية بشكل ضخم في رفاه شعبها وتنمية أجياله الشابة. تحسن دخل الفرد البحريني وتعززت الصلة بين جودة التعليم وسوق العمل. وحصلت البحرين على مراكز متقدمة في التنمية البشرية وتنمية الشباب والابتكار ودعمت مقومات الأمان والترفيه وعززت من خلق فرص وظيفية للشباب رغم تحديات البطالة (أنظر الجدول). ونتيجة لذلك تقلصت رغبة السكان في الهجرة أو اللجوء من البحرين في ظل تعزز مؤشرات التفاؤل حول المستقبل القريب في ظل توقعات نمو تدعم ذلك رغم تحديات تضخم حجم الدين العام بشكل مقلق (أنظر الجدول).

ويستمر البحرينيون ينعمون بممارسة الحريات رغم التحديات المفروضة. لكن تبقى هناك محدودية على مستوى تمكين الشباب من مراكز القرار والاندماج في الحياة الجمعياتية.

استفاد البحرينيون من زيادة الانفتاح المبكر على الاندماج في الاقتصاد العالمي والمراهنة على الانفتاح على الاستثمار الأجنى وتحسين بيئة العمل وجعلها تنافسية بشكل كبير. وتعتبر البحرين متقدمة على بقية دول الخليج في سياسة الانفتاح على الاستثمار الأجنبي بسبب سياسة تشجيع تنويع إيرادات البلاد في ظل موارد نفطية محدود. فوق ذلك حسنت حكومة البحرين من قدرة الوصول الى الخدمات المالية والإدارية مع محدودية الضغوط الضريبية على مواطنيها. وتبقى البحرين متقدمة في تحيق أهداف التنمية والقضاء على الفقر والأمية.

وحققت المملكة نجاحات من خلال تعزز الاستثمارات الداخلية وهو ما أثر ايجاباً على تراجع طفيف لمعدلات البطالة وتحسن آفاق النمو على الرغم من وجود قلق حول إمكانية استمرار هذا التحسن بعد تداعيات فيروس كورونا. الى ذلك يؤثر بشكل كبير عدم استقرار إيرادات البحرين في النظرة المستقبلية خاصة على مستوى الرؤية التنموية بعيدة المدى. لكن يدعم الاستقرار السياسي والأمني نظرة التفاؤل حول توجهات التنمية في البحرين على تعثرها.

5-     السعوديون

المرتبة الخامسة كانت من نصيب السعوديين، فعلى الرغم من كبر حجم المملكة وما يوازيها من ضخامة التحديات بالنظر الى حجمها الديمغرافي، الا أن الحكومة السعودية تسير على الأرجح في الاتجاه الصحيح على مستوى اتخاذ قرارات فاعلة من شأنها دعم نهضة البلاد في شتى المجالات التي عادت بالنفع خاصة على زيادة تمكين الشباب.

وتسعى المملكة من خلال التعويل على كفاءاتها المحلية الشابة لتحويل اقتصادها تدريجياً الى منصة صناعات متطورة وتصديرية فضلاً عن دعم انفتاح المملكة على الحداثة والتطور والترفيه وهو ما يحفز مؤشر التفاؤل بين الشباب. كما تعززت النظرة المستقبلية الإيجابية لمسار التنمية بالمملكة بفضل ارادة سياسية معلنة بالرهان على الشباب من أجل انجاز مشروعات ضخمة وعملاقة على غرار مدينة “نيوم” المستقبلية التي ستستقطب التكنولوجيا المتقدمة، وهو تحد يعزز التفاؤل بين أجيال السعودية القادمة، ينضاف الى ذلك تحسن ترتيب السعودية في مؤشرات كثيرة أغلبها مرتبط بتحسن التنمية البشرية وجودة التعليم والمؤسسات التعليمية، وهو ما يساعد على دعم جيل متعلم وذوي كفاءات عالية قد يسهم في تطوير المملكة.

على صعيد متصل، اهتمت السعودية بتحسين جودة حياة المواطن بالاستثمار في الأنشطة الثقافية والترفيهية وتحسين الموارد الأساسية الكفيلة ببيئة مثالية لأجيال الغد خاصة على مستوى تطوير الثروات الزراعية والمصادر المائية والتي يمثل خطر تقهقرها سنوياً أهم تحديات القرن الحالي أمام دول مجلس التعاون الخليجي على المدى المتوسط لتماثل نفس الخصائص البيئة ولو بشكل متفاوت.

على صعيد آخر، يدعم تعزز القدرة الإنتاجية النفطية بالتوازي مع تحسن متوقع لأسعار النفط على المدى القرب والمتوسط مستقبل إيرادات الدولة التي تسعى بدورها لزيادة تنويعها، وهو ما قد يدعم زيادة مصادر ثروات أجيال المستقبل.  كما أن احتياطات المملكة المالية المودعة في صناديق سيادية مخصصة لأجيال المستقبل تعزز من النظرة المتفائلة حول موارد تمويل التنمية المستقبلية.

ويدعم تعزز القدرات الدفاعية للمملكة بدوره مؤشر التفاؤل خاصة بعد خوض القوات السعودية تجربة المواجهة المباشرة في الصراع اليمني وهو مثل مرحلة اختبار لرفع قدرات المملكة الدفاعية من أجل صد التهديدات الخارجية، وهو ما يقود في النهاية لرفع مستوى الثقة في الاستقرار السعودي.  لكن تبقى تحديات النسب المقلقة للفقر والبطالة من تؤثر سلباً على محفزات التفاؤل على المدى القريب (أنظر المؤشرات في الجدول المصاحب).

6-    العمانيون

في المرتبة السادسة تقدم العمانيون في الصفوف الأمامية لأكثر الشباب العربي تفاؤلاُ ورفاهية، حيث يصنف العمانيون عموماً بين أكثر مواطني دول الخليج ميلاً للإيجابية والتسامح والسلام والتضامن.

رغم الاهتمام المعلن من الحكومة العمانية بتعزيز الاستثمار في تعليم وعمل ورفاه الشباب العماني، تبقى مؤشرات التوظيف مقلقة بالنظر لنمو نسب البطالة (أنظر المؤشر في الجدول المصاحب). الا أن منح دعم البطالة تخفف من حدة التشاؤم. تعمل الحكومة العمانية على رفع التحديات التي تواجه تنمية الشباب واندماجهم السريع في مراكز اتخاذ القرار. وبفضل ذلك، لا توجد نسبة تذكر لاقبال الشباب على الهجرة أو اللجوء من سلطنة عمان (أنظر الجدول).

تدعم زيادة مؤشر التفاؤل بين العمانيين عوامل مباشرة في مقدمتها الاستقرار السياسي بنجاح الانتقال السلمي للسلطة واستمرار أولويات عمل الحكومة على دعم الحياة الكريمة للشباب العماني وزيادة انفتاحه على محيطه العربي والإقليمي والدولي دون الدخول في خيارات الانحياز أو الاصطفاف.

يميل العمانيون الى الحياد الإيجابي على غرار الكويتيين وغالبية مواطني دول مجلس التعاون الخليجي. وتدعم الرؤية المشرقة والمتفائلة لمستقبل السلطنة النظرة المستقبلية لاستمرار تعزز إيرادات النفط فضلاً عن صعود إيرادات أخرى بديلة ومتنوعة. كما أن تحسن اداء عمان الإيجابي في مؤشرات مختلفة مثل الأمن والاستقرار والجريمة ومكافحة الفساد ودعم المشاركة الشبابية الواسعة في مراكز صنع القرار تدعم جلها بشكل مباشر التفاؤل عند العمانيين. لكن ارتفاع مؤشر البطالة قد يحد اليوم وبشكل طفيف من هذا التفاؤل.

7-    الجزائريون

حلّ الجزائريون في المرتبة السابعة في تصنيف أكثر الشباب العربي تفاؤلاً ورفاهية. تدعم هذا الترتيب تحسن دخل الفرد مدفوعة باحتمالات تعزز إيرادات الجزائر النفطية بعد توقعات تدعم استمرار تحسن أسعار الطاقة على المدى المتوسط. تحسن موارد الدولة يسهم في رفع حجم الإنفاق على الخدمات والمشاريع التي تفتح فرص العمل أمام الشباب. الى ذلك فان التغيير السياسي الذي حدث في الجزائر واستمرار الحراك الشبابي الضاغط والمطالب بالإصلاح ومكافحة الفساد يعتبر دليلاً على زيادة الوعي الشعبي باتجاهات ومتطلبات النمو وهو في حد ذاته عامل يدعم تعزز النظرة المتفائلة حول احتمال تحسن جودة الحياة في الجزائر.

بالنسبة لمؤشر التوظيف، فانه رغم ارتفاع نسبة بطالة الشباب (أنظر الجدول)، تسعى الحكومة الجزائرية الى خلق فرص وظيفية أكثر أمام هذه الفئة. بالاضافة لتوفير منح دعم البطالة التي تقدم للشباب من أجل مساعدتهم على تحفيز نظرتهم الايجابية للاستقرار ببلادهم والاستفادة من قدرات الموهوبين منهم. بفضل ذلك تراجعت تدريجيا نسب الاقبال على الهجرة واللجوء بين الشباب الجزائري رغم الأرقام المرتفعة نسبياً.

فجهود الحكومة للاستمثار في تعليم ورفاه الشباب لم تمنع من القضاء على ظاهرة الهجرة غير الشرعية بين الجزائريين نحو أوروبا وتحمّل عبء المخاطر من أجل البحث عن حياة أفضل. لا يخفي بعض الجزائريين الشباب في بعض تعليقاتهم على وسائل التواصل الاجتماعي تذمرهم من بيئة الجزائر التي يصفها البعض رغم جهود الاصلاح والتطوير بأنها طاردة للكفاءات بسبب البيروقراطية المترسخة في الادارة، وهو ما أثر سلباً على مؤشر التفاؤل. رغم ذلك فالجزائر تصنف بين أكثر الدول التي قد تحمل افاق نمو إيجابية في 2023 فضلاً عن جهود الحكومة الجزائرية في خفض مستمر لنسب الدين العام والفقر ورفع سقف التسهيلات المقدمة للشباب خاصة على مستوى الاندماج في الحياة الاقتصادية رغم التحديات المفروضة في بقية المجالات (أنظر المؤشرات في الجداول المصاحبة).

8-    الأردنيون

حلّ الأردنيون في المرتبة الثامنة بمؤشر تفاؤل ورفاه متوسط يميل الى المحدود أو المتراجع. وقد مرت على الأردن أزمات كثيرة لعل أبرزها تداعيات جائحة فيروس كورونا والحرب في أوكرانيا، وقبل ذلك الصراع في العراق والقضاء على تنظيم “داعش” وما صاحبتها من موجات لجوء كبيرة الى الأردن الذي يستقطب عددا ضخما من اللاجئين والذي يمثل عبئاً ديمغرافياً بالنسبة لحجم البلاد الصغير.

كان الأردن بصدد التعافي التدريجي من أزمات مختلفة أبرزها تداعيات الحرب على الارهاب في المنطقة، الى أن حلّت أزمة فيروس كورونا والحرب في أوكرانيا، وما خلفته من تفاقم أزمة استمثار وطاقة أضرت مباشرة بالحالة المالية للبلاد وضاعفت حجم الديون على الحكومة.

رغم التحديات المفروضة، استثمرت الحكومة الأردنية بشكل جيد في تحسين مؤشرات تنمية وتعليم شبابها. حيث تحظى بمراكز متقدمة في مؤشرات التنمية البشرية (أنظر الجدول). تحسنت خدمات الرفاه والاتصال بالانترنت بين الشباب الأردني، انعكس ذلك ايجابا على تعزز مؤشرات الابتكار والابداع. لكن محدودية نجاح الحكومة في دمج الشباب في سوق العمل مع معدلات بطالة مرتفعة بينهم يمثل أبرز التحديات أمام الشباب الأردني. وهو ما يدفع نسب هامة منه لاختيار أولوية الهجرة بحثا عن فرص أفضل للعمل واثبات قدراته. تبقى هناك معوقات كثيرة أمام وصول الشباب لمراكز اتخاذ القرار رغم جهود اصلاح الادارة وخفض عبء البيروقراطية والفساد.

يواجه الشباب الأردني مخاطر التعرض للتداعيات والضغوط السلبية على التنمية والتي تنعكس سلباً على ظروف عيش المواطن عموماً ورفاه الشباب خاصة، وذلك بالنظر لنمو معدلات التضخم التي تلتهم نسبة كبيرة من دخل الفرد. لكن الأردن قد يشهد نموا متذبذباً مدعوماً بأولويات زيادة تقديم الدعم للمواطنين على مستوى توفير الخدمات وفرص العمل في ظل حرص القيادة السياسية على نهضة الأردن العصرية والاستمرار في المراهنة على الاستثمار في التنمية البشرية.

على صعيد آخر، يسهم الاستقرار السياسي والاقتصادي بفضل ديبلوماسية اقتصادية تتبعها الأردن في تعزيز علاقتاها مع الأشقاء والأصدقاء في دعم جذب استثمارات أجنبية، وهو ما قد يحسّن من بيئة العمل والفرص المتاحة للشباب. لكن هناك الكثير من المؤشرات المقلقة والتي تحد من التفاؤل بين الشباب بصفة خاصة فيما يتعلق بالنظرة المستقبلية لتصورات التنمية في البلاد في ظل شح الموارد والتعويل على الدعم الخارجي، بالإضافة الى انكماش سوق العمل وتسجيل معدلات كبيرة للبطالة وهو ما يخلق ضغوطاً تفع ببعض الشباب للإقبال على الهجرة للبحث عن محفزات تفاؤل في بيئة أخرى (أنظر المؤشرات في الجداول المصاحبة).

9-    المغربيون

في المرتبة التاسعة، جاء المغربيون بنظرة تفاؤل مستقرة رغم التحديات. يدعم مؤشر التفاؤل بين الشباب في المغرب وجود رغبة ملكية في تحسين أوضاع المعيشية للمواطنين حيث مثلت الإصلاحات الهادفة لتحفيز أسباب تحسين ظروف الحياة للمواطن المغربي أهم أولويات الحكومة.

راهنت الحكومة المغربية على تحسين خدمات التعليم والصحة وبيئة الابتكار والابداع المقدمة للشباب، حيث تحسنت مؤشرات التنمية البشرية (أنظر الجداول). ونجحت المغرب في تذليل العقبات أمام وصول الشباب الى سوق العمل من خلال تحفيز المبادرات الحرة والمشاريع الصغيرة والمتوسطة خاصة في المجالات المبتكرة. الا أنه رغم الجهود المبذولة بقيت نسب البطالة مرتفعة وهو ما يدفع جزء من الشباب المغربي لزيادة الاقبال على الهجرة وطلب اللجوء خاصة نحو وجهات أوروبية بحثا عن فرص أفضل. (أنظر الجداول).

تنعم المغرب باستقرار هادئ يجعلها بين أكثر الدول العربية استقطاباً للثروات وصنعاً لإيرادات تشغيلية عبر تحفيز الاستثمارات الأجنبية المباشرة التي عززت خلق الفرص الوظيفية، وهو ما أسهم في زيادة حداثة المملكة لترتفع نسبة خدماتها ومنتجاتها الحائزة على مواصفات جودة عالمية الأمر الذي انعكس إيجابا ولو بشكل محدود على سوق العمل وتعزز استقطاب الموظفين الموهوبين.

تواجه تحديات مختلفة تحسن جودة الحياة ووواقع الرفاه بالنسبة للشباب الذي يعاني جزء منه خاصة في الأرياف من مشاكل التهميش والأمية رغم التحسن الملحوظ في هذه المؤشرات. حيث تعترض المغرب عموماً قضايا متراكمة ومزدوجة أبرزها متعلق بتراجع مستمر للقدرة الشرائية للمواطن المغربي مع تنامي ظاهرة الفقر واستمرار شبح بطالة الشباب الذي يدفع بالكثيرين منهم الى الاقبال بشكل مستمر على الهجرة السرية أو غير الشرعية نحو أوروبا (أنظر الجداول المصاحبة).

10-                      التونسيون

رغم التحديات الضخمة، حلّ التونسيون في المرتبة العاشرة في تصنيف أكثر الشباب العربي تفاؤلا ورفاهية، وهذا الترتيب في مؤشر التفاؤل تدعمه عوامل مختلفة.

نجحت تونس في تعزيز جودة مخرجات التعليم ويتضح ذلك على مستوى تحسن مؤشرات التنمية البشرية. كما نجحت تونس كذلك في تعزيز مناخ الاستقرار الأمني واستمرت في دعم الحريات الفردية وتحفيز رفاه المواطنين. لكن في المقابل لم تستطع كبح جماح البطالة وبطء الالتحاق بسوق العمل. حيث استمرت مؤشرات بطالة الشباب عالية خاصة بين الكفاءات والمهارات. ورغم اعلان القيادة السياسية في تونس رهانها على تحقيق مطالب الشباب من خلال بحث خلق فرص جديدة وتعزيز المبادرات الحرة وخلق منوال اقتصادي جديد، تضاعفت نسبة الاقبال على الهجرة النظامية وغير النظامية بين فئة الشباب بمبررات عدم اليقين حول اتجاهات سوق العمل والاستقرار الاقتصادي والسياسي (أنظر الجداول).

خلال العقد الماضي، فاقم تأخر تحقق التوافق السياسي في البلاد زيادة عدم الاستقرار المستمر في الحكومات منذ ثورة الياسمين في 2011، وهو ما انعكس سلباً في خلق أجواء من الإحباط والتشاؤم بين التونسيين وخاصة الشباب. لكن رغم ذلك، يسود بعض التفاؤل حول تصحيح مسار التنمية في البلاد من خلال تعزيز آليات المحاسبة ومكاحفة الفساد.

علق التونسيون آمالا كثيرة على تغيير النظام السياسي برمته منذ نحو عشر سنوات، لكن وان نجح الامر ظاهرياً، الا أنه يبدو أن المؤشرات السلبية المحدّة من التفاؤل في ازدياد خاصة بتاثر الحكومة التونسية بأزمات عالمية مزوجة زادت من الحاجة للدين والضغوط الضريبية على المواطن مع التعرض لمخاطر تآكل القدرة الشرائية بسبب موجة التضخم القياسية.

كان التغيير الذي ينشده التونسيون جراء انتفاضة شعبية في ديسمبر 2010 فضلاً عن مطالب الانتقال الديمقراطي بمثابة دعامتين مهمتين لبعث التفاؤل حول النظرة المستقبلية للنمو والازدهار آنذاك. الا أن انحراف حصول التغيير المنشود يحمل مسؤوليته التونسيون لفشل النخب السياسية في ادارة المرحلة وتحقيق مطالب الشباب الذي مثل وقود انتفاضة الياسمين.

ومثلت محدودية حدوث تغيير ملموس في حياة الشباب التونسي مع تردي الأوضاع المعيشية مبررات كافية للتشاؤم. اذ يستمر تسجيل زيادة معدلات البطالة والفقر بشكل متفاقم مع رصد زيادة التهميش التي تدفع الى زيادة تسجيل ظواهر سلبية كردة فعل غاضبة على فشل الحكومات المتعاقبة في الاستجابة لتطلعات التونسيين خاصة الشباب.

وكنتيجة حتمية لتراجع مؤشر التفاؤل نمت ظاهرة الهجرة غير الشرعية بدافع يأس البعض من التغيير الإيجابي ترافق مع زيادة نمو تحديات الجريمة حالها كحال بقية دول المغرب العربي والشرق الأوسط. كما شهدت تونس تداخل عوامل كثيرة بين الإيجابية ظاهرياً والسلبية بالنظر لنتائج بعض السياسات الخاطئة التي ميزت المرحلة الانتقالية الأخيرة.

عمقت نتائج الحكومات المتعاقبة على تونس من خيبة أمل بعض التونسيين الذين أصبحوا لا يكترثون لأهمية التغيير وممارسة الديمقراطية والحريات بالنظر الى تردي أوضاعهم المعيشية، اذ تعاني تونس في الوقت نفسه من مدركات الفساد، وهو ما يجعلها في مواجهة حزمة من الإصلاحات العاجلة التي ينتظرها الشعب وخاصة على مستوى زيادة فرص العمل واستقطاب الشباب المهمش الذي خيّر جزء كبير منه الهجرة الجماعية الى الخارج وأكثر طرق الهجرة المعتمدة الهجرة السرية “الحرقة”. ولعلّ الزيادة الضخمة وغير المسبوقة لأعداد المهاجرين السريين من تونس الى إيطاليا منذ الصيف الماضي تبرر حالة اليأس التي يمر بها جزء من الشباب التونسي.

على صعيد متصل، لم يعد كثير من التونسيين ينتظرون حدوث تغيير مفاجئ قد يحفز دفعة واحدة من مؤشرات التفاؤل لديهم وذلك بعد النتائج الهزيلة التي حققتها النخبة السياسية طيلة العقد الأخير. اذ تكافح الحكومة من أجل التعافي بأقل الأضرار من أزمة تداعيات فيروس كورونا وآثار الحرب في أوكرانيا، مع بوادر ركود اقتصادي تعمل الحكومة على تجنبه رغم شح الموارد.

وعلى عكس دول نفطية تراهن على تعزز أسعار النفط من أجل دعم الإيرادات، تستمر تونس في المراهنة على الصادرات والاستثمارات الأجنبية غير المستقرة من أجل دعم النمو. من جهة أخرى لم يعد بعض التونسيين يثقون في وعود النخب السياسية بالتغيير الإيجابي، فليس هناك ما يدعم تحقق هذه الوعود في الواقع على المدى القريب والمتوسط حسب آراء بعض مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي. لكن رغبة القيادة السياسة في حدوث تغيير هيكلي وجذري يستجيب لتطلعات الشباب يبقى المحفز الوحيد لآمال السواد الأعظم من التونسيين.

كما أن استمرار الممارسة الديمقراطية والحريات والحقوق على خلاف دول عربية كثيرة تعتبر مكتسبات ثمينة قد تمثل الأمل الوحيد الذي يعلق عليه بعض التونسيين الآمال في وجود نخبة ذات كفاءة قد تعزز من فرص النمو وتدفع بالبلاد الى التقدم (أنظر المؤشرات في الجداول المصاحبة).

11-                      المصريون

المرتبة الحادية عشر آلت لصالح المصريين. يمكن تبرير هذا الترتيب بمؤشرات كثيرة تحفز المصريين على التفاؤل لعلّ أهمها استمرار استقرار مصر السياسي والاقتصادي رغم التحديات والصراعات والتهديدات الأمنية الإقليمية، حيث أنها الدولة العربية الوحيدة التي حافظت على مؤشر نمو إيجابي منذ فترة الجائحة.

أعلنت مصر مرار رهانها على تحقيق نهضة ملحوظة في تنمية الشباب وتعزيز مشاركته السياسية والاقتصادية وتسهيل وصوله أكثر لمراكز صنع القرار، فضلا عن دعم الموهوبين وتطوير برامج التعليم وتحسين الاندماج المجتمعي لجميع الفئات وخاصة ذوي الاحتياجات الخاصة. لكن رغم ذلك استمرت نتائج السياسات الحكومية محدودة خاصة بالنظر لمكافحة تحديات جودة التعليم والأمية والوصول للخدمات الأساسية، مع استمرار تحديات التهميش والجريمة خاصة بين المراهقين. ورغم تحسن دخل الفرد المصري، يبقى واقع رفاه الشباب المصري محدودا بالنظر للتحديات الديمغرافية الضاغطة مع وعود صريحة من القيادة السياسية لتحسين مؤشرات الفقر والبطالة والتي تعتبر مرتفعة (أنظر الجداول المصاحبة).

فرغم نجاح الحكومة المصرية في مضاعفة وتيرة خلق الفرص الوظيفية للشباب، بقيت نسبة التحاقهم بسوق العمل محدودة بالنظر للطلب المتزايد. وهو ما يدفع بجزء من الشباب المصري لزيادة الاقبال على خيار الهجرة بحثا عن فرص أفضل. اذ وصلت الهجرة عبر البحر الأبيض المتوسط إلى أعلى مستوى لها منذ خمس سنوات حيث انضم المصريون إلى تيار الأشخاص الذين يسعون للهروب إلى أوروبا. (أنظر الجداول).

تراهن مصر في الوقت نفسه على تحفيز الاقتصاد وتعزيز الاستثمارات وتهيئة البنى التحتية لمشروعات ضخمة ابزرها العاصمة الإدارية الجديدة. وفتحت هذه المشروعات العملاقة والمتعددة فرص عمل كثيرة أسهمت في التخفيف من حدة البطالة، وفتحت آفاقاً واعدة للقطاع الخاص على مستوى زيادة المشاركة في نهضة مصر في المستقبل وتحقيق تنمية متنوعة وبيئة تهدف طموحات أجيال مصر القادمة. وأسهمت سياسات الدولة الاجتماعية في دعم تحسن الأجر الأدنى للموظفين والعمال في مصر، وهو ما انعكس ايجاباً على تحسن جودة حياة بعض المصريين الذين استفادوا أيضا من زيادة توسيع الدولة لشبكة الخدمات. لكن ذلك لا ينفي وجود سلبيات كثيرة خاصة على مستوى جودة الخدمات الاجتماعية ومحدودية الإسكان رغم ارتفاع المشاريع الاسكانية الكبرى.

وعلى الرغم من تحسن دخل الفرد المصري الا أن القدرة المعيشية في تراجع وهذا ما أثر على تفاقم ظاهرة التضخم واستمرار نمو ظاهرة الفقر. الا أنه رغم ذلك تبقى الفرص متاحة للحصول على عمل لكن لا يمكن اغفال نمو ظاهرة الطلب على الهجرة من اجل تحسين الأوضاع المعيشية وخاصة الطبقات المهمشة. ويوجد خارج مصر ملايين المصريين لم يتم احصائهم رسميا بسبب ظروف هجرتهم غير الشرعية.

وعلى صعيد آخر استفاد المصريون من تحسن مؤشرات الأمن ومكافحة الجريمة. لكن تبقى تحديات التطرف والإرهاب تقلق المواطن على المدى القريب وقد تكون مبادرات على غرار مصالحة وطنية بين الحلول التي قد تدعم النظرة المتفائلة وتقلص من مخاطر الانقسامات والتعصب والعنف.

وما يدعم التفاؤل عموما على المدى المتوسط إمكانية تحقق نهضة تنموية في مصر الحريصة على تحسن مؤشراتها خاصة فيمات يتعلق بالاقتصاد، لكن تبقى مشكلة مؤرقة للمصرين تتمثل في استمرار ضعف جودة التنمية البشرية خاصة فيما يتعلق بالتعليم.

سهم التحديات الاقتصادية في مصر نمو عدد المهاجرين المقيمين في الخارج والذي بلغ حوالي 9 ملايين. جعلت التحديات الاقتصادية في مصر الحفاظ على سبل العيش أكثر صعوبة، حيث ارتفع معدل التضخم  هذا العام إلى أعلى مستوى في خمس سنوات بنسبة 18.7٪ في نوفمبر الماضي. وقد تفاقم هذا بسبب استمرار انخفاض قيمة الجنيه، حيث وصل الجنيه إلى مستوى قياسي منخفض في أكتوبر، حيث انخفض بأكثر من 14 في المائة مقابل الدولار الأمريكي.

12-                      الليبيون

في المرتبة الثانية عشر حل الليبيون بآفاق أكثر تفاؤلا من أي وقت مضى منذ اندلاع الحرب الداخلية. فرغم تأخرهم في الترتيب بسبب هشاشة عوامل التفاؤل خاصة بالنظر لمخاطر الأمن وتدني جودة التعليم والبنية التحتية المتهاكلة ومحدودية مؤشرات التنمية البشرية وارتفاع نسب البطالة والفقر والهجرة واللجوء (أنظر الجداول المصاحبة)، يسود تفاؤل حذر بين الليبيين عموما والشباب خاصة من امكانية حدوث تحسن ملحوظ في واقع حياتهم مع وعود بتضاعف وتيرة خلق الفرص الوظيفية وتعزيز بيئة رفاه الليبيين.

هذا التفاؤل يدعمه تحسن ملحوظ لإيرادات ليبيا من الطاقة خاصة النفط مع توقعات ايجابية بانتعاشة قوية للنمو الاقتصادي وبشكل تدريجي، وهو ما انعكس في ارتفاع محتمل لنصيب الفرد من الدخل مع تحسن محتمل لفرص العمل في حال استتب الوضع الأمني وبدأت مشاريع إعادة الاعمار.

كما يدعم تفاؤل الليبيين وجود أمل في عقد مصالحة سياسية بين الفرقاء في ظل زيادة الجهود الدولية لحسم الصراع بين الأطراف الليبية المتنازعة، وما ان يتم التوصل الى اتفاق نهائي تقام بموجبه دولة ليبية موحدة ودستور موحد فان كل المؤشرات السلبية قد تنقلب الى إيجابية. هذه الفرضيات الممكنة حتى ولو تطلب تحقيقها فترة زمنية على المدى المتوسط الا انها تدعم التفاؤل بين الليبيين.

وبجانب محفزات احتمال عودة الاستقرار تعتبر ثروة النفط والغاز أهم محفز مادي يعزز التفاؤل على مستوى التطلع لتحسين ظروف العيش. رغم ذلك تبقى هناك مؤشرات سلبية وان تقلصت بعض الشيء الا انها تدل على التشاؤم، حيث استمر نمو الطلب على اللجوء والهجرة ولو بوتيرة أقل من السنوات الماضية لكن هذا لا ينفي إصرار بعض الليبيين على التوجه الى دول أخرى فيها محفزات أكثر للحياة الكريمة ولكنها خيارات محفوفة بالمخاطر حيث يقبل بعض الليبيين على الهجرة السرية نحو أوروبا وان بأعداد محدودة مقارنة بجيرانهم الأفارقة أو المغاربة، لكن تعتبر ظاهرة مرصودة. الى ذلك فان التدخل الأجنبي أكثر ما يقلق الليبيين ازاء النظرة المستقبلية لوضع بلادهم. (أنظر الجداول المصاحبة).

13-                      العراقيون

في المرتبة الثالثة عشر حلّ العراقيون، ويعزى هذا الترتيب المتأخر نسبياً لاستقرار عوامل التشاؤم خاصة بالنظر لاتفاع نسب البطالة والفقر والاقبال على الهجرة وتعثر مكافحة الفساد والجريمة والعنف. ويعد الشباب أكثر المتضررين من تردي مقومات الامان الشامل، حيث استقر ميل الشباب نحو الهجرة بحثا عن فرص أفضل للحياة الامنة وللعمل (أنظر في الجداول المصاحبة).

رغم تحسن ايرادات البلاد جراء الدفعة القوية لأسعار النفط المصدر الأساسي لدخل البلاد، بقيت بيئة الرفاه محفوفة بمخاطر انتشار الجريمة والعنف وبطء الالتحاق بسوق العمل والبيرقراطية المفرطة ومدركات الفساد العالية ونقص تمكين الشباب من الوصول الى مراكز اتخاذ القرار فضلا عن وجود مخاطر الاستقطاب والطائفية والارهاب المستتر. وهذا ما يشكل نظرة التشاؤم رغم التفاؤل الحذر بين فئة الشباب.

في مؤشر التفاؤل على الرغم من هشاشة الاستقرار الداخلي الى محفزات مختلفة أبرزها توقعات باستمرار تحسن أسعار النفط على المدى المتوسط وهو ما ينعكس إيجاباً على ارتفاع ايرادات الدولة وتحسن دخل الفرد وتعزز الخدمات المقدمة للمواطنين وزيادة خلق فرص العمل أمام الشباب.

في الأثناء تدعم زيادة وعي الشباب العراقي الذي انتفض منذ أشهر لوقف الفساد والتدخلات الأجنبية والانقسامات الطائفية مؤشرات تفاؤل ايجابية على وجود رغبة للتعايش والوحدة من أجل تحسن تدريجي لمقومات الحياة وفرص التوظيف وتعزيز مستويات الاندماج بين مكونات المجتمع. كما أن الاستقرار الحذر رغم التحديات الاقتصادية والاجتماعية قد يعزز من توقعات بتحسن جودة البنية التحتية ووصول العراقيين الى الخدمات الأساسية كالتعليم والصحة.

وتمثل العراق بثرواتها الطاقية الضخمة حاضنة واعدة لأجيالها في المستقبل في حال تعزز الاستقرار. وبذلك فان وجود فرضية تعافي اقتصادي واستقرار سياسي تعتبر محفزات ممكنة تعزز تفاؤل العراقيين في المستقبل على الرغم من الوضع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي الصعب الذي تمر به البلاد لكن افق التفاؤل مستمرة. وفي حال استقرار العراق وحسن ادارته بفعالية، فمن المرجح ان تتقلص الطلبات على الهجرة واللجوء والتي بدورها انخفضت بشكل طفيف، ناهيك عن احتمال عودة ملايين من المغتربين من الخارج إذا شهدت العراق نهضة حقيقية وأحسنت استغلال ثرواتها الطائلة.

14-                      اللبنانيون

تم تصنيف اللبنانيين في المرتبة الرابعة عشر، ويعزى تأخرهم في ترتيب التفاؤل والرفاهية رغم دراسة الشخصية اللبنانية المنفتحة والايجابية، الى ظهور عوامل كثيرة مربكة ومحبطة، حيث تفاقمت حالة عدم الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي خاصة بعد اعلان الحكومة الإفلاس سبقها سلسلة احتجاجات للمطالبة بالتغيير العاجل في تركيبة النخبة السياسية الحاكمة ومراعاة ظروف المواطن المتردية كما يصفونها.

مؤشرات أخرى تبرر تصنيف لبنان في هذا الترتيب المتأخر أبرزها بطالة نحو نصف الشباب اللبناني (أنظر الجدول في الأسفل)، الى جانب المرتبة المتأخرة في مؤشر التنمية البشرية، وقد ارتفعت نسبة المقبلين على الهجرة وخاصة الذين حاولوا العام الماضي الوصول إلى أوروبا بشكل غير نظامي من لبنان وذلك بنسبة 176٪، وفقًا للأرقام الصادرة عن مكتب بيروت التابع للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

يقبع نحو أكثر من 80 في المئة من سكان لبنان في دائرة الفقر، فضلاً عن تصدر لبنان لقائمة أكثر الدول العربية تصديرا للمهاجرين العرب في الخارج (فثلاثة أضعاف اللبنانيين مغتربون)، وهو ما يعكس بحث الشتات اللبناني عن ملاذات الهجرة في دلالة واضحة على التشاؤم من الواقع اللبناني والذي فاقم تدفق اللاجئين اليه من دول الجوار من تضخم أزمته الاقتصادية والاجتماعية ولعل أبرز مؤشر على ذلك انهيار قيمة العملة اللبنانية وسط شبح افلاس يحذر منه المسؤولون أنفسهم.

ولعلّ مطالب اللبنانيين بتحسين ظروف العيش وتقليص نسب التضخم ودفع الأجور والقيام بإصلاح عميق ينأ بالاقتصاد عن التجاذبات السياسية او الانقسامات الطائفية لم تجد تفاعلاً ايجابياً كافيا من النخب السياسية والاقتصادية الحاكمة.

وقد عمّق انفجار مرفأ بيروت الكارثي وتبعها أحداث أخرى من تردي الأوضاع ودخول لبنان مرحلة الكساد الاقتصادي. في ظل هذه الأوضاع والأحداث السلبية والمتلاحقة والمتراكمة، تأثر مؤشر التفاؤل لدى اللبنانيين في ظل حالة من الاحباط والتشاؤم التي تسود النظرة المستقبلية لاتجاهات الوضع في لبنان. ولم يبقى لدى اللبنانيين الا منفذ الاحتجاجات والمطالبة بالتغيير كمبعث أمل وتفاؤل خجول في المستقبل في ظل شح موارد الدولة (أنظر الجداول المصاحبة).

15-                       الموريتانيون

جاء الموريتانيون في المرتبة الخامسة عشر في مؤشر التفاؤل والرفاهية، ويعزى هذا الترتيب المتأخر نسبياً لوجود استقرار نسبي وبعضه سلبي، حيث ماتزال في البلاد نسبة كبيرة من الفقراء (أنظر الجداول المصاحبة).

ولا يبدو أن الاقتصاد الموريتاني بصدد تحقيق آمال شريحة واسعة من الموريتانيين في ظل تراجع نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي واستقرار مؤشر نمو البطالة بين الشباب. كما تشكو البنية التحتية الموريتانية من تقلص الجودة وافتقار خدمات الترفيه وضعف اتصال الشباب بالانترنت.

لا تدعم رؤية الحكومة للتنمية زيادة تعزيز الثروات في ظل موارد محدودة قد لا تستجيب لمتطلبات ومواصفات جودة حياة أجيال المستقبل، وبذلك فان الحلول التي يضطر اليها جزء من الشباب الموريتاني تتركز بالدرجة الأولى على خيار الهجرة أو اللجوء رغم ضعف نسبة الاقبال نسبيا لأسباب لوجيتسية وأمنية.

16-                      الفلسطينيون

حلَ الفلسطينيون في المرتبة السادسة عشر، ويعزى هذا الترتيب المتأخر جداً بالمقارنة مع بقية الدول العربية بسبب بعض المتغيرات الهامة المتمثلة في زيادة مخاطر تهديدات الأمن مع تجدد الصراع مع الاسرائيليين، فوق ذلك هناك تراجع حاد لمقومات العيش الكريم في ظل نسب فقر وبطالة مرتفعة خاصة بين فئة الشباب. وهو ما يعزز النظرة المقلقة بالنسبة لمستقبل ازدهار الشباب نقص الاستثمارات والارتهان للمساعدات الخارجية.

ورغم مؤشرات التشاؤم هناك تفاؤل يقتصر بتعزز التنمية البشرية خاصة على مستوى جودة مخرجات التعليم، وهو ما يعزز اندماج الكفاءات الفلسطينية في السوق المحلية والخارجية.

على صعيد آخر، تعاني الحكومة الفلسطينية من نقص حاد في الموراد وهو ما انعكس سلبا على محدودية خدمات الرفاه والترفيه والتسلية والاتصال الضعيف بالانترنت. وقد انخفض الدعم العربي والدولي الموجه لنصرة القضية الفلسطينية وترافق ذلك مع تراجع المساعدات المالية والإنسانية للفلسطينيين في الداخل أو اللاجئين في الخارج.

وقد تزايدت الضغوط على الفلسطينيين من أجل التطبيع بدل المقاومة، مسار ينظر اليه بعض الفلسطينيين على انه مدعاة  للتشاؤم بالنسبة للنظرة المستقبلية لمطالبهم التاريخية المتمثلة في دولة عاصمتها القدس، حيث أن هذا الاستحقاق الفلسطيني الذي برر مقاومة استمرت لأكثر من 70 عاماً يشهد محاولات إسرائيلية لعدم الاعتراف به الى الأبد.

من جهة أخرى يمثل مؤشر الفقر المتزايد والبطالة المرتفعة بسبب تداعيات الحصار الإسرائيلي منعرجاً خطيراً يهدد بكارثة إنسانية، حيث يلتهم الفقر أكثر من ثلث سكان منطقتي الضفة وغزة. وبذلك فان النظرة المستقبلية خاصة على مستوى توقع نشأة دولة فلسطينية ذات سيادة باتت تطوقه مؤشرات سلبية أكثر منها إيجابية (أنظر الجداول المصاحبة).

17-                      اليمنيون

في المرتبة السابعة عشر جاء اليمنيون بمؤشر تشاؤم كبير ومقلق، في مقابل بواعث تفاؤل ضعيفة بسبب عدم وجود محفزات تدعمها في الواقع. اذ تستمر الحرب وحالة الصراع والقتال رغم الهدنة القائمة، وسببت حالة الصراع المسلح تدمير أجزاء كبيرة من المدن والبنى التحتية في مختلف أنحاء اليمن. كما سبّب عدم الاستقرار السياسي والأمني فضلا عن عمق الانقسامات المجتمعية في انهيار مؤشرات التنمية البشرية وانهيار المرافق الأساسية كالتعليم والصحة في ظل تهديدات متصاعدة بمخاطر المجاعة والأمراض التي يتضرر منها الشباب والأطفال أكثر من أي فئة أخرى.

واقع طارد لرفاه الشباب اليمني، ما يدفع لاستقرار الطلب على الهجرة واللجوء خاصة بالنظر لنمو نسب البطالة والفقر بين الشباب فضلا عن انتشار مخاطر العنف بزيادة امتلاك الشباب والأطفال للسلاح هو ما يجعل الشباب عرضة لمخاطر الجريمة المتنامية.

لا تلوح في الأفق أي مؤشرات على تحسن الوضع الاقتصادي أو السياسي في اليمن في ظل حالة الصراع المستمرة وهذا ما يبعث على عدم التفاؤل إزاء بيئة أجيال الحاضر والمستقبل، حيث يستمر ارتفاع عدد الفقراء سنوياً، اذ أن نصف الشعب اليمني فقط يقع فوق خط الفقر في حين أن السواد الأعظم وخاصة الشباب يعيش حالة فقر مزمنة غير واضحة نهايتها. (أنظر الجداول المصاحبة).

18-                      السودانيون

في المرتبة الثامنة عشر وقبل الأخيرة حلّ السودانيون مع نظرة متشائمة على المدى القريب. اذ يميل جزء من الشباب السوداني الى التشاؤم بدل التفاؤل حول الاتجاهات المستقبلية لبلادهم وذلك بسبب تركة الصراعات المسلحة وآثارها الكارثية على الوضع الاقتصادي المتردي واتساع دائرة الفقر وارتفاع نسبة البطالة وعدم كفاءة البنى التحتية وانخفاض مؤشرات الأمن والسلام. كما لا توجد موارد كافية في المدى المنظور لتمويل رؤية تنموية يستطيع من خلال السودانيون التطلع الى حياة أفضل وبيئة صحية خالية من النزاعات. علاوة على ذلك لا تكاد خدمات الرفاه والتسلية والاتصال بالانترنت متوفرة بالنسبة لجميع السودانيين، حيث تعاني من نقص وتفاوت شديد بين المدن.

تبقى النظرة المستقبلية ضبابية حول احتمالات التنمية والازدهار. وهو ما يدعم نمو الطلب على الهجرة على الرغم من مؤشرات افاق النمو المرتفعة المتوقعة في 2021 وذلك بالنظر للركود الكبير للاقتصاد السوداني بسبب تداعيات وباء فيروس كورونا. في المقابل قد تدعم مقومات الزارعة الضخمة في السودان توجهات التنمية المستقبلية حيث من المتوقع ان تصبح الزراعة والإنتاج الفلاحي والغذائي أكبر موفر لإيرادات الدول بدلا عن الطاقة.

في السودان كما هو الحال مع العديد من البلدان المدرجة في هذه القائمة  يمكن ملاحظة أحد مضاعفات أزمة اللاجئين الحالية بشكل عام: في حين أن السودان أيضًا تعتبر دولة تنتج عددًا متزايدًا من اللاجئين، أكثر من 844،000 اعتبارًا من ديسمبر 2022، وزاد ما يقرب من 40،000 مهاجر سوداني منذ العام الماضي. (أنظر الجداول المصاحبة).

19-                      السوريون

تذيل السوريون تصنيف أكثر الشعوب العربية تفاؤلاً ورفاهية، وذلك بسبب انهيار دعائم التفاؤل، حيث، لا يزال السواد الأعظم من السوريين يكافحون من أجل العودة الى حياة طبيعية بعد حرب أهلية دامت لكثر من عقد من الزمان مع تطلعات لاستقرار بلادهم والنأي بها عن صراعات إقليمية وتدخلات أجنبية.

يواجه الشباب السوري مخاطر جمة أبرزها التعرض لتهديدات العنف والجريمة، مع رصد نمو مقلق لظاهرة الانقطاع المبكر عن التعليم، فضلا عن قفزة لمعدلات البطالة والفقر والتهميش وسوء الاستغلال. واقع مقلق يدفع لاستمرار التدفق الضخم لطالبي الهجرة واللجوء. يفتقر الشباب السوري لبنية تحتية متطورة لتحسين التنمية البشرية وتحسين جودة التعليم والصحة. كما قد تكون منعدمة خدمات الرفاه المخصصة للشباب الذي يعاني بدوره ضعف الوصول لخدمات الانترنت.

لكن نتيجة للحرب، خسر جزء كبير من الاقتصاد السوري بنيته التحتية ومقدراته المالية وخسرت الثروة البشرية السورية جزء هائلا من مكوناتها. ورغم ذلك تستوعب الأنشطة السورية خاصة في القطاع العام جزء كبيرا من الموظفين والعاملين، وقد تمثل خطة إعادة اعمار سوريا أكبر داعم لمؤشر التفاؤل بالنسبة للعاطلين، حيث ستزيد من نسبة فرص العمل في الداخل السوري على شرط استباب الأمن. لكن ذلك غير مضمون في المدى القريب في ظل استمرار التجاذبات والصراعات.

تحاول سوريا العودة الى الحضن العربي بشكل تدريجي، وهو ما قد يساعدها على تعزيز آفاق النمو من خلال التعاون المشترك وجذب استثمارات عربية وخارجية الى الداخل السوري الموحد. كما أن المقدرات الطبيعية والطاقية الضخمة المتواجدة في سوريا يمكن ان تدعم مؤشر التفاؤل على مدى البعيد بالنسبة لأجيال المستقبل.

لكن في ظل استمرار عدم الاستقرار الأمني والسياسي نسبياً، قد يتردد ملايين من الشتات السوري حول العالم في العودة الى بلادهم بعد نهاية الحرب وسيطرة النظام السوري على أغلب أراضيه وطرد التنظيمات المتشددة. لكن يبقى هاجس الخوف من مخاطر التطرف والإرهاب والقيود الحكومية خاصة ضد المعارضة السورية وارتفاع مدركات الفساد تمثل عوامل قد تؤثر سلباَ على النظرة المستقبلية الايجابية لسوريا.

الا أن ذلك لا ينفي وجود رغبة من الدولة السورية لتحسين أوضاع المواطنين وترميم ما دمرته الحرب واستعادة ثقة السوريين. وهذا لا ينفي في الوقت نفسه وجود رغبة جامحة بين السوريين للهجرة وتحسن أوضاعهم المعيشية على المدى القريب في ظل شح الموارد.

يصنف السوريون كأكبر مجموعة من طالبي اللجوء في الاتحاد الأوروبي، يليهم الأفغان والأتراك والهنود والفنزويليون. مع دخول الأزمة السورية عامها الثاني عشر دون حل، فإن الشعب السوري هو من يدفع الثمن. تتدهور التوقعات بالنسبة للسوريين داخل البلاد وعبر المنطقة حيث أن الاحتياجات أكبر بكثير من أي وقت مضى.

لا تزال سوريا تمثل أزمة إنسانية مع استمرار اتجاهات النزوح الهائلة. حيث فرّ أكثر من 6.9 مليون شخص من منازلهم داخل البلاد، وما زال أكثر من 6.5 مليون خارج سوريا، منهم 5.7 مليون لاجئ في المنطقة.

يعتمد اليوم 14.6 مليون شخص في سوريا على المساعدات، بزيادة 1.2 مليون عن العام السابق. كما يعيش أكثر من 90 بالمائة من السوريين في دائرة الفقر. يتزايد العنف القائم على نوع الجنس والمخاطر التي يتعرض لها الأطفال والشباب، في حين أن التعرض المحتمل للذخائر المتفجرة لا يزال مرتفعاً، حيث يتعرض واحد من كل اثنين للخطر. أثر انعدام الأمن الغذائي على مستويات قياسية جديدة حيث يعاني 13.9 مليون شخص من الجوع، ويتفاقم البؤس بسبب نقص القمح، ويرجع ذلك جزئيًا إلى الحرب في أوكرانيا. (أنظر الجداول المصاحبة).

محددات الدراسة:

تم اعتماد دراسة مؤشرات مختلفة أبرزها الهجرة ونمو الطلب على الهجرة غير الشرعية واللجوء التي يضطر لها عدد من الشباب العربي لدوافع غير باعثة على التفاؤل حسب رأيهم على المديين القريب والمتوسط. الى ذلك برزت مؤشرات مختلفة على أساسها تم تصنيف بواعث ومحفزات التفاؤل بين الشباب العربي فضلاً عن رصد تحليلي عشوائي لنماذج من تفاعلات مستخدمين عرب على مواقع التواصل الاجتماعي إزاء تداعيات جائحة كورونا والنظرة لمستقبلية للحياة عقب هذه الأزمة. وتم الاستناد الى عدة تقارير محلية تخص كل دولة وتقارير دولية من منظمات الأمم المتحدة.

ومن أهم محفزات التفاؤل للشباب العربي التي شملتها الدراسة برزت مقومات الاستقرار السياسي والاقتصادي والحوكمة ونجاعة الأداء الحكومي في تلبية تطلعات المواطنين وتعزيز الرفاه النفسي والاجتماعي والاقتصادي والصحي للفرد. وهذه عوامل تشجع الشخص على التفاؤل بالمستقبل وعدم الاندفاع الى خيارات تعكس فقدان التفاؤل واليأس مثل الاقبال على الجريمة أو الإدمان أو الهجرة غير الشرعية أو التطرف. كما يمكن الجزم أن ما يدعم تفاؤل بعض العرب هو وجود مؤشرات إيجابية حقيقية عن بداية تحقق تطلعات شعبية مأمولة وحتى ان كانت بعيدة المدى خاصة على مستوى تحسن موارد البلاد أو تحسن بيئة العيش.

وتم أخذ بعين الاعتبار مؤشرات ضمنية لقياس التفاؤل أبرزها الاكتئاب والأمراض النفسية والرفاه المادي من خلال الاحتياطات المالية لكل دولة واستقرار مصادر الدخل وتنوعه في المستقبل فضلاً عن التهديدات الأمنية والمناخية متوسطة وبعيدة المدى. وتم ادماج معايير أخرى لقياس درجة التفاؤل كقدرة التعافي من فيروس كورونا وتداعياتها على مستقبل الدول بالإضافة الى مؤشر أمل الحياة وآفاق امكانية تحقق الازدهار.

وتجدر الإشارة الى أن هناك محفزات ودوافع على التفاؤل على الأمد القريب والمتوسط والتي تؤثر على تصنيف الدول خاصة فيما يتعلق باتجاهات وآفاق النمو والازدهار بغض النظر عن المعوقات العرضية والوقتية اليوم كالحروب والصراعات وهذا ما ينطبق على نموذج العراق وليبيا والتي تقدمتا في التنصيف بسبب وجود بواعث تفاءل لدى العراقيين او الليبيين في المدى القريب أو المتوسط بإمكانية عودة الاستقرار والذي من شانه أن يسرع وتيرة التنمية الداخلية بفضل وجود موارد غنية للدولة أبرزها النفط في هذين الدولتين. وبذلك فان موارد الدول وثرواتها وحسن استغلالها بمحاربة الفساد مؤشرات تبعث على التفاؤل، وقد تغني الكثير من الشباب والعائلات على سبيل المثال عن طلب الهجرة أو اللجوء أو الإحساس بالتشاؤم والاكتئاب بالتفكير في المستقبل، حيث أن طموحات إرساء استقرار سياسي واقتصادي في ظل منظومة شاملة تحتوي جميع المكونات المختلفة للمجتمع دون اقصاء تدعم دوافع التفاؤل والايجابية لدى الأفراد خاصة فيما يتعلق بتقييم بالتغيير والتطور الإيجابي والممكن.

أهم الاستنتاجات:

تم رصد مفارقات كبيرة في واقع وآفاق التنمية بين الدول العربية خاصة على مستوى مقومات حياة الغد التي يتطلع اليها الشباب العربي، حيث ارتفعت محفزات مؤشر النظرة السلبية لمستقبل بعض الدول في ظل تعثر سياسي واقتصادي مستمر من أجل إيجاد استقرار هش يدعم ازدهار غير واضح المعالم مستقبلاً، في حين تملك بعض الدول الأخرى مقومات وان تبدو غير مستقرة اليوم الا أنها كافية لتبعث الأمل والتفاؤل في المواطنين إزاء النظرة المستقبلية لاتجاهات نوعية الحياة الآمنة والمزدهرة والتي توفر لكل فرد فرصة لتحقيق طموحاته بعيدا عن القيود الأمنية والاقتصادية والفكرية والاجتماعية بحيث يمكن أن يحقق ذاته بكل حرية ومع تواجد تكافؤ الفرص في بيئة سليمة تتدنى فيها مؤشرات الفساد والجريمة والصراعات والقيود الأمنية والسياسية والظواهر الشاذة.

وتستنتج الدراسة أنه عادة ما يفقد الفرد الأمل والتفاؤل في بيئة غير قابلة للتطوير وعديمة الموارد وغير مستقرة سياسياً. اذ تغلب تطلعات التنمية على المطالب السياسية لدى غالبية الشباب في الدول النامية. وبذلك فان عدة دول عربية تأخر إصلاحات جوهرية بدافع الانشغال بأولوية إيجاد عامل الاستقرار على حساب إصلاحات أخرى، وفي حال طالت فترة مساعي تثبيت الاستقرار بدون جدوى فقد تضعف أفق التنمية ما يبعث على عدم التفاؤل وزيادة الإقبال على خيارات الهجرة خاصة في دول محدودة الدخل.

وقفزت محاولات الهجرة السرية أفرادا وعائلات وخاصة بين مواطني دول المغرب العربي القريبة من أوروبا بأرقام غير مسبوقة خاصة التونسيون والمغاربة والليبيون والجزائريون وهم فارون كما تصفهم تقارير محلية من وضع اقتصادي متردي ومتفاقم ويعتقدون حسب استطلاعات آرائهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي ان النظرة المستقبلية على المدى القريب لوضع دولهم غيرة قابل للتحسن لعدم وجود ما يدعم محفزات التفاؤل كوتيرة الاستثمارات أو موارد يمكن للدولة ان تعزز بها إيراداتها المستقبلية، اذ تبقى التوقعات والافق التنموية ضبابية.

وقد زادت من نظرة الضبابية تداعيات جائحة كورونا والحرب في أوكرانيا المستمرة في بعثرة أولويات التنمية بالنسبة للحكومات فضلا عن تفاقم المديونيات في عدة دول اغلبها مغاربية وشرق أوسطية باستثناء دول الخليج التي تملك احتياطات مالية ممثلة في صناديق سيادية مليارية مخصصة لأجيال المستقبل.

بعض الأفراد خاصة على منصات التواصل الاجتماعي في عدد من الدول يعتقدون بالنظر لمحدودية ثروات دولهم وعدم كفاءة الإدارة السياسية والاقتصادية أن مستقبل التطور والتغيير الإيجابي محدود وهو ما يبعث بالنسبة لديهم بمؤشرات سلبية تدفعهم للبحث عن محفزات تفاؤل في دول أخرى وذلك من خلال نمو الطلب على الهجرة والبحث عن التوطين في وجهات أخرى أبرزها وأوروبا والقارة الأمريكية مع تراجع التفكير في الوجهة الخليجية بسبب صعود سياسات توطين واحلال الوظائف والاستغناء عن أكبر عدد من الوافدين والأجانب في المدى القريب من أجل إعادة ترتيب أولويات متطلبات التنمية مع عدم المساس بامتيازات الفرد الخليجي خاصة المتعلقة بفرض الضريبة والتي يتخوف منها أغلب الخليجيون خاصة في الدول التي تعاني من ضغوط تقشفية وعجز متنامي بالنسبة لتضخم الانفاق.

2023 ©  مركز الشرق الأوسط للاستشارات السياسية والاستراتيجية MenaCC

المراجع:

[1] The World Bank, Political stability index (-2.5 weak; 2.5 strong), 2021 – Country rankings, https://www.theglobaleconomy.com/rankings/wb_political_stability/#:~:text=Political%20stability%20index%20(%2D2.5,available%20from%201996%20to%202021.
[2] world bank, GDP per capita (current US$), 2022, https://data.worldbank.org/indicator/NY.GDP.PCAP.CD
[3] 2022 Global Peace Index, https://www.visionofhumanity.org/maps/#/
[4] Crime Index by Country 2023, https://www.numbeo.com/crime/rankings_by_country.jsp
[5] undp, Global Multidimensional Poverty Index 2022, Unpacking deprivation bundles to reduce multidimensional poverty, https://hdr.undp.org/system/files/documents/hdp-document/2022mpireportenpdf.pdf
[6] General government gross debt, https://countryeconomy.com/national-debt
[7] Inflation Rate by Country, 2022, https://wisevoter.com/country-rankings/inflation-rate-by-country/, and updates of inflation rates in 2023
[8] ILO, Global Employment Trends for Youth 2022: The Arab States, https://www.ilo.org/wcmsp5/groups/public/—ed_emp/documents/briefingnote/wcms_853324.pdf
[9] IMF, Real GDP growth, 2023, https://www.imf.org/external/datamapper/NGDP_RPCH@WEO/OEMDC/ADVEC/WEOWORLD
[10] World Bank, Government effectiveness – Country rankings, 2022, https://www.theglobaleconomy.com/rankings/wb_government_effectiveness/
[11] The Global Corruption Index (GCI) 2022, https://risk-indexes.com/global-corruption-index/
[12] UNHCR Refugee Data 2022, https://www.unhcr.org/refugee-statistics/download/?url=hWtl4Q
[13] Freedom House rates people’s access to political rights and civil liberties, 2022, https://freedomhouse.org/countries/freedom-world/scores; Freedom Index by Country, https://wisevoter.com/country-rankings/freedom-index-by-country/
[14] Quality of Life Index by Country 2023, https://www.numbeo.com/quality-of-life/rankings_by_country.jsp
[15] World Happiness Index 2023: Country Wise Rank, https://bihar-cetbed-lnmu.in/world-happiness-index-2023/
[16] 2021 Global Health Security Index, https://www.ghsindex.org/#l-section–countryranksect
[17] Largest Sovereign Wealth Fund Rankings by Total Assets, https://www.swfinstitute.org/fund-rankings/sovereign-wealth-fund& Credit suisse Global Wealth Databook 2022, file:///C:/Users/IMED/Downloads/global-wealth-databook-2022%20(1).pdf
[18] Air Quality Index (AQI), 2022, https://www.aqi.in/world-most-polluted-countries, Climate Tops 2022 WEF Global Risks Report, https://unfccc.int/news/climate-tops-2022-wef-global-risks-report
[19] Latest Human Development Index Ranking, UNITED NATIONS DEVELOPMENT PROGRAMME, Human Development Reports, Undp, HUMAN DEVELOPMENT INSIGHTS, 2022, https://hdr.undp.org/data-center/country-insights#/ranks
[20] WIPO, Global innovation results 2022, https://www.wipo.int/edocs/pubdocs/en/wipo-pub-2000-2022-section3-en-gii-2022-results-global-innovation-index-2022-15th-edition.pdf
[21] Arab Human Development Report, 2022, https://arab-hdr.org/
[22] GDP per capita (current US$), world bank, https://data.worldbank.org/indicator/NY.GDP.PCAP.CD
[23]إحصاء نسب البطالة حسب كل بلد وفق الأرقام الرسمية المعلنة وقاعدة بيانات منظمة الاسكوا https://www.unescwa.org/news/escwa-and-ilo-arab-region-registers-highest-unemployment-levels-worldwide
[24] Country’s vulnerability to climate change and other global challenges in combination,  ND-GAIN Country Index, https://gain.nd.edu/our-work/country-index/rankings/

مصادر البحث الأخرى:

1-      تقرير حالة الهجرة الدولية لعام 2019، الاتفاق العالمي من أجل الهجرة الأمنة والمنظمة والنظامية في سياق المنطقة العربية، مطبوعات الأمم المتحدة تصدر عن الاليسكوا، بيت الأمم المتحدة، ساحة رياض الصلح، صندوق بريد: 8575-11، بيروت، لبنان،https://reliefweb.int/sites/reliefweb.int/files/resources/situation-report-migration-2019-ar.pdf  الموقع اإللكتروني: org.unescwa.w

2-      مراكز الإحصاء في كل دولة ضمن التصنيف، بيانات متاحة عن التنمية البشرية

3-      تقارير محلية في كل دولة ترصد ظواهر مختلفة أبرزها الجريمة والتطرف والهجرة والتحديات الأمنية المختلفة فضلا عن مؤشرات الاكتئاب والامراض العقلية

4-      تقارير حكومية عن استجابتها لجائحة كورونا وتداعياتها

5-      تقارير حكومية محلية عن مستقبل التنمية في كل دولة ضمن تحديث التقديرات الحكومية حول آفاق النمو

6-      REGIONAL ECONOMIC OUTLOOK UPDATE: MIDDLE EAST AND CENTRAL ASIA, IMF, june 2020,file:///C:/Users/IMED/Downloads/MREOENG202007%20(3).pdf

7-      UNDP Report, Global Multidimensional Poverty Index 2020 Charting pathways out of multidimensional poverty: Achieving the SDGs, http://hdr.undp.org/sites/default/files/2020_mpi_report_en.pdf

8-      RAHUL S. WASLEKAR, The World Hope Index, Research, R.D. & S.H. National College, University of Mumbai, Smt. Jotu Kundnani Chowk, Linking Road, Bandra West, Mumbai, Maharashtra 400050, India, June 1, 2018, https://www.jyi.org/2018-june/2018/6/1/the-world-hope-index

9-      Knoema Data, https://ar.knoema.com/atlas

10-  UNHCR DATA, https://www.unhcr.org/refugee-statistics/download/?url=LrG4

11-  WORLD MIGRATION REPORT 2020, IOM UN Migration, https://www.un.org/sites/un2.un.org/files/wmr_2020.pdf

12-  Crime and safety Index by Country 2020 Mid-Year, Numbeo data, https://www.numbeo.com/crime/rankings_by_country.jsp

13-  Projected GDP per capita Ranking, International Monetary Fund World Economic Outlook (October – 2019), 20 Feb 2020, http://statisticstimes.com/economy/projected-world-gdp-capita-ranking.php