الخليجيون أكثر العرب انتماء لأوطانهم واعتزازا بهويتهم

18 ألف من سكان الخليج فقط طلبوا اللجوء خلال 20 عاما الأخيرة مقابل 4 ملايين من بقية الدول العربية أحداث مهمة

6 أبريل، 2023


–         الخليجيون أكثر العرب حفاظا على العادات والتقاليد في ظل العولمة

–         تحسن خدمات الرفاه والأمان في الخليج قلص من الطلب على الهجرة واللجوء

–         الخليج قد يواجه مخاطر الهجرة المناخية أو اللجوء المناخي ان لم يتم تقليص حدة التعرض للتغيرات المناخية

–         الدواوين واحياء الروابط الأسرية تعزز من متانة الانتماء

–         مخاطر مستجدة على الشباب والمراهقين الخليجيين تتمثل في زيادة التأثر بظاهرة عدم الالتزام الديني أو فكرة (اللادين)

 

6 ابريل 2023 (MenaCC): تصدر الخليجيون قائمة العرب الأقل رغبة في هجرة دولهم أو اللجوء منها خلال العشرين سنة الأخيرة.  وهو ما يفسّر استمرار متانة الاعتزاز بالانتماء والهوية بين الخليجيين رغم التحديات المستجدة.

وقد استنتج مسح قام به المركز (MenaCC) لبيانات عن طلبات الهجرة واللجوء في العالم العربي خلال العقدين الماضيين أن الخليجيين الأكثر رغبة في الاستقرار في دولهم والأقل تحمساً للاغتراب عن أوطانهم مقارنة ببقية الشعوب العربية الأخرى.

تعزز مؤشر انتماء الخليجيين لدولهم أكثر من نظرائهم العرب

استفادت دول الخليج بشكل إيجابي من تحسن عامل الانتماء وتعزز تمكين الفرد من ممارسة دوره السياسي والاقتصادي وتحفيزه في بعث المشاريع والمشاركة في مراكز صنع القرار مع تحسن مؤشر المساواة بين الجنسين وفاعلية الإدارة وتقلص البيروقراطية مع تفاوت بين الدول. لكن بيئة حياة الخليجيين لا تعد مثالية بقدر ما تواجه كل تجربة على حدا تحديات مختلفة أبرزها التحديات الديمغرافية والتلوث والتأثر بتغيرات المناخ المقلقة. لكن هذه التحديات لا تشكل الى اليوم تهديدات ضاغطة على وتيرة هجرة الخلجيين المحدودة جداً.

خلال عام 2022، لم يتقدم سوى نحو 939 فرداً من سكان دول الخليج الست بطلب لجوء الى دول أجنبية من أجل الإقامة والعمل، جزء كبير منهم مقيمون من جنسيات مختلفة وقليل منهم من السكان الأصليين. العدد اعتبر محدودا جدا بالمقارنة مع 134 ألف عربي من دول خارج منطقة الخليج تقدموا بطلبات لجوء من دولهم[1] العام الماضي فحسب.

واستنتج المسح الذي قام به المركز لتقييم مؤشر الانتماء بين العرب من خلال قياس متغير الطلب على الهجرة واللجوء، أن عددا قليلا جدا من مواطني دول الخليج يرغبون بالهجرة واللجوء من أوطانهم مقابل زيادة ملحوظة للرغبة في الهجرة واللجوء في باقي الدول العربية وخاصة بين النخب والكفاءات والعقول[2].

وقد شمل المسح كذلك فترة الخمس سنوات الماضية، ليمتد أيضاً لدراسة اتجاهات الطلب على اللجوء خلال العقدين الماضيين أيضاَ. خلال الخمس سنوات الماضية تقدم بطلبات لجوء نحو مليون و113 ألف عربي من كافة الدول العربية ما عدى دول الخليج، ونحو 273 ألف من خارج دول الصراع (العراق وسوريا وليبيا واليمن)، في حين لم يتقدم سوى 8042 من سكان الخليج بطلبات مماثلة للهجرة من دولهم خلال الفترة نفسها[3].

أما خلال العشرين عاماً الماضية، تقدم نحو 18400 ألف فرد من سكان دول مجلس التعاون الخليجي بطلبات لجوء للإقامة في الخارج لأسباب مختلفة. لكن هذا العدد لا يذكر مقارنة بباقي سكان الدول العربية الراغبين في الهجرة من دولهم، حيث تقدم نحو 4 ملايين عربي بطلبات لجوء خلال العقدين الماضيين لأسباب أهمها مرتبط بمخاطر أمنية متعلقة بالصراعات والحروب وأخرى اقتصادية مرتبطة بتدهور الظروف والمعيشية وأسباب أخرى مرتبطة بحقوق الانسان.

وبذلك فان عدد الخليجيين الذين أعلنوا رغبة في اللجوء والهجرة من أوطانهم لا يمثل الا سوى 1 في المئة من اجمالي بقية العرب الراغبين في الهجرة بشتى أنواعها، والتي وان مثلت مصدر ثروات بالنظر لتحويلات المغتربين، الا أنها أسهمت في اضعاف الدورة التنموية بسبب نزيف الكفاءات المهاجرة، وهذا على عكس دول الخليج التي لا يقبل على الهجرة واللجوء فيها الا بعض الحالات الخاصة من محدودي الدخل أو من حالات مرتبطة بحقوق الانسان.

وبناء على رصد تغيرات الطلب على اللجوء وحركة الهجرة، أظهر المسح أن عدد الخليجيين الراغبين في اللجوء على اختلاف الدوافع والأسباب هو في تراجع مستمر بعد الجائحة فيروس كورونا على خلاف بقية الشعوب العربية الأخرى.

وبرز الإماراتيون فالقطريون ثم العمانيون فالبحرينيون فالسعوديون فالكويتيون على التوالي على مستوى ترتيب الأكثر رغبة في الاستقرار في بلاده وعدم الميل للهجرة أو اللجوء[4].

على صعيد آخر، بلغ معدل الهجرات سواء الاختيارية أو السرية وتيرة مرتفعة سنوياً في الدول العربية خارج منطقة مجلس التعاون الخليجي بدافع البحث عن فرص عمل وتعليم وحياة أفضل، أما في دول الخليج فتعتبر من أكثر الدول عالمياً جذباً للكفاءات العربية من خارج الخليج بالنظر للطفرة المسجلة في اقتصاداتها ومخططاتها التنموية التي تعتمد فيها على العمالة الوافدة بينها نسبة هامة من القوى العاملة العربية.

في حين أن الهجرات غير الشرعية من دول الخليج لا تكاد تذكر خلال السنوات الخمس الأخيرة، فان الطلب على الهجرة والإقامة الدائمة في وجهات خارج منطقة الخليج لا تتعدى العشرات فقط سنوياً. حيث أن أغلب مواطني مجلس التعاون الخليجي يخيرون الإقامة والعمل في دولهم بفضل تحسن جودة الحياة والخدمات وتعزز فاعلية الإدارة وتقلص البيروقراطية مقارنة بالدول العربية الأخرى. كما أن مستوى القدرة الشرائية بالنظر لمتوسط الدخل يعتبر محفزا لمواطني دول الخليج في تخيير الاستقرار في دولهم.

وقد كشف استنتاج المسح أن مواطني دول مجلس التعاون الخليجي رغم التغيرات الجوهرية خلال العقدين الماضين على المستوى الاجتماعي والاقتصادي والسياسي يخير أغلبهم الاستقرار في دولهم، وينسجمون مع مختلف التحديات وخاصة المناخية المقلقة، مستفيدين من توفر مقومات الرفاه التي تقدمها الحكومات لمواطنيها.

لكن تبقى هناك فئة من الخليجيين قد تستقر في دول أجنبية بالنظر لفرص العمل التنافسية والبيئة الإبداعية الاستثنائية التي قد تتيح لهم فرص الابتكار والتألق في الخارج أكثر من دولهم.

ورغم وجود نسبة كبيرة من طبقة محدودي الدخل في المجتمعات الخليجية ووجود أزمات مقلقة كالبطالة والتضخم، لم يبدي الا عدد قليل الرغبة في طلب اللجوء والهجرة خلال العقدين الماضيين. وهو ما يعكس مدى الانسجام والترابط الأسري والمجتمعي للشعوب الخليجية، حيث أن الروابط القبلية والأسرية حافز مهم لاستقرار الفرد الخليجي[5]. جزء من استمرار العادات والتقاليد خاصة على مستوى الاجتماعات الأسرية والقبلية والدواوين المخصصة للنقاش والحوار يعزز انتماء الأفراد لمجتمعاتهم الخليجية. كما أن سعي الحكومات لزيادة تشريك المواطن في اتخاذ القرار والتعويل على الشباب في رؤى التغيير الكبرى المطروحة يشجع الشباب على الاستقرار وتطوير مهاراته وإنجاز أفكاره رغم التحديات.

علاوة على ذلك، قلّصت سياسات تمكين الشباب من وجود دوافع الهجرة واللجوء الى الخارج بقدر الرغبة في اثبات الذات في الداخل. الا أن هذا لم يمنع من نشاط وتيرة تنقل الأفراد بين دول مجلس التعاون الخليجي، حيث يخير بعض الخليجيين العمل والاقامة في دول الخليج دون الاغتراب خارج المنطقة. لكن هناك تحديات في الأفق قد تضغط لبروز ظاهرة مقلقة ان لم يتم السيطرة عليها وهي مخاطر الهجرة المناخية أو اللجوء المناخي، والتي تتمثل في توقع الطلب على الهجرة بدافع التغيرات المناخية القاسية[6]. وقد يمثل نجاح الحكومات في السيطرة على التغيرات المناخية دافعا قويا في تجنب مثل هذه الظواهر مستقبلاً.

تعزز الاستثمار في خدمات الرفاه وتعزيز تمكين الافراد دافع قوي لترسخ عامل الانتماء

طفرة مشاريع رفاه المواطنين وتحسين جودة البنى التحتية وبيئة الحياة النموذجية توازياً مع تعزز القطاعات والخدمات المبتكرة وترسّخ عوامل الأمان والاستقرار وتحسّن ممارسة الحريات، كلها عوامل أسهمت في دعم وازع الانتماء لدى المواطن الخليجي لبلده. تعزز الانتماء بدوره قلّص من وتيرة الاقبال على طلب الهجرة واللجوء بين الأفراد بالمقارنة مع بقية الشعوب العربية الأخرى.

رغم الانتقادات والتحديات، زاد اهتمام الحكومات الخليجية بدعم التنمية البشرية وتمكين الشباب وتعزيز المشاركة في برامج التنمية واحداث نهضة شاملة مع تفاوت بين الدول، حيث نجحت بشكل جلي تجارب الامارات وقطر والسعودية في تعزيز عوامل النهضة والتنمية المستقبلية، ثم تأتي الكويت والبحرين وعمان على التوالي مع بعض الاختلافات الجوهرية. الا أن أغلب الدول الخليجية تتفق في دعم وازع الانتماء للهوية المحلية والخليجية والافتخار بها من خلال الحرص على ترويج اللهجة والزي الخليجي عبر المؤتمرات والدراما والمناسبات الرسمية وحتى في المدارس.

واستثمرت دول الخليج قدرات ضخمة متفاوتة في تحسين برامج التعليم والانفتاح على المناهج الغربية لكن مع ترسيخ القيم والعادات بين الأجيال خاصة على مستوى العقيدة والزي واللهجات، وذلك رغم التأثر البالغ بالعولمة وبرامج التعليم الغربي خاصة الإنجليزي والتي أحدثت بعض التغيير في تشكل الوعي لدى أجيال الخليجيين الشابة والمراهقة[7].

وان لم تؤثر العولمة على متانة الاعتزاز بالهوية الخليجية والانتساب القبلي والمحافظة على العادات، تجدر الإشارة الى وجود مخاطر مستجدة على الشباب والمراهقين الخليجيين تتمثل في زيادة التأثر بظاهرة عدم الالتزام الديني أو فكرة (اللادين)خاصة بين المراهقين[8]. وجود مثل هذه الظواهر استفاد من التعرض المكثف لحملات الدعاية والترويج الغربي بشكل خاص على شبكة الانترنت ومنصات التواصل الاجتماعي بالأساس لمقاصد الحريات والانفتاح المتعارضة مع بعض القيم والعادات والتقاليد للمجتمعات المسلمة. حيث خلقت دعوات التحرر وتبني القيم الغربية و”الانتماء العالمي” أو “الهوية العابرة للأقطار”[9] التي يتم ترويجها عبر منصات التواصل الاجتماعي تناقضات أسهمت في تشويش أفكار ومعتقدات نسبة كبير من أجيال الشرق الأوسط خاصة الشباب والمراهقين[10] ودفعت بعضهم للتشكيك وحفزت بعضهم الآخر على التمرد على القيم السائدة بمبرر ارتباطها بالتخلف. لكن هذه الظاهرة يمكن رصدها بأقل حدة في دول الخليج، حيث هناك حرص على ترسيخ الهوية والاعتزاز بها بين الأجيال الشابة. وقد تكون النسبة العالية لعودة المبتعثين الخليجيين في الدول الأجنبية الى أوطانهم بعد استكمال الدراسة مؤشر إيجابي على ترسخ الرغبة في الانتماء والاعتزاز بالهوية العربية المسلمة.

وكانت حركات الهجرة شملت جزء من الخليجيين خاصة بعض المبتعثين للدراسة في الخارج أو رواد الأعمال أو من قطاعات مختلفة، الا أن متوسط هجرات الخليجيين لا يتعدى حسب تقديرات المركز معدل الهجرة قصيرة ومتوسطة المدى أي نحو (10 أعوام تقريباً) بخلاف بقية الجنسيات العربية الأخرى التي تتعدى معدلات هجرة مواطنيها (الإقامة متوسطة وطويلة المدى) أي أكثر من (10 سنوات الى 20 عاماً) كرقم تقديري لمتوسط الهجرة طويلة المدى[11]، في حين قد تبلغ معدلات اقامة بعض المهاجرين واللاجئين العرب خاصة من الدول الفقيرة أو غير المستقرة الى مدى الحياة وتحديدا في الدول الأجنبية التي توفر فرص الاندماج الشامل كالإقامة والجنسية[12].

الهجرات الطويلة تؤثر على وازع الانتماء للوطن الأم

استنتج البحث أن زيادة الطلب على الهجرة في الدول العربية وان كان عاملاً إيجابياً يعزز موارد الحكومات من تحويلات المقيمين في الخارج، الا أن ذلك ينعكس سلباً على مؤشر الانتماء والمشاركة الفاعلة في تنمية البلدان المصدرة للمهاجرين واللاجئين، وخاصة إذا كان متوسط المدة الزمنية للهجرة واللجوء يفوق أكثر من 10 أعوام مستمرة. حيث أظهرت بعض الدراسات أن اغتراب الفرد عن وطنه لمدة طويلة مستمرة قد تؤثر سلباً عند البعض على روابط الانتماء لبلدانهم الأصلية وتضعف من المساهمة المباشرة في التنمية وتحقيق الازدهار[13]. في مقابل استفادة الدول المستضيفة للمهاجرين واللاجئين من قدرات وطاقات ومهارات الوافدين اليها فضلاً عن خلق فرص أكبر لاستقطاب استثمارات المهاجرين واللاجئين في الدول المستضيفة خاصة تلك التي توفر فرص الاندماج الكامل في المجتمع[14].

يعتبر النموذج اللبناني الأكثر وضوحاً للتعرض للانعكاسات السلبية للهجرات طويلة المدى لمواطنيها، حيث أن لبنان هو البلد العربي الأكثر تصديرا للمهاجرين العرب تاريخياً، اذ يقيم نحو أكثر من ثلثي تعداد الشعب اللبناني في المهجر[15]، ورغم هذا العدد الكبير من المغتربين، لا تستفيد الدولة اللبنانية بشكل كبير من مواطنيها في الخارج بسبب قدرة اندماج اللبنانيين في المجتمعات المستضيفة والاستقرار طويل مدى فيها.

وعادة ما يؤثر ضعف الاستقرار المؤسسي والسياسي ومسارات الحكومة والفساد في بعض الدول المصدرة للمهاجرين على إمكانية إعادة استقطاب المغتربين خاصة المتفوقين منهم ودمجهم في مجتمعاتهم الأصلية والاستفادة من خبراتهم واستثماراتهم. فعامل الثقة في قدرة الحكومات على خدمة مواطنيها وتلبية تطلعاتهم يعزز من فرص عودة اللاجئين والمهاجرين المتوفقين الى أوطانهم وتعزيز مشاركتهم الفاعلة في خلق تنمية متنوعة ومؤسسة على الابتكار. وهذا ما يمكن أن ينسحب عل المثال الإسرائيلي، حيث استقطبت الحكومة العبرية الكثير من مواطنيها المغتربين أو المهاجرين خاصة الأثرياء منهم بهدف الاستفادة من مشاركتهم الفاعلة في تعزيز تنمية الاقتصاد والمجتمع[16].

وبالعودة للمثال اللبناني، فالاقتصاد على سبيل المثال في حالة انهيار تدريجي منذ سنوات دون مساهمة فاعلة من المواطنين في الخارج لإنقاذه عبر احداث المشاريع وتعزيز وتيرة التحويلات لتعزيز أرصدة العملة الصعبة. وبالرغم من وجود نسيج اقتصادي يغذيه المغتربون اللبنانيون، الا أن تعزيز ذلك يصطدم باهتزاز الثقة في الدولة واعتقاد سائد بضعف قدرتها على خلق بيئة نموذجية وارتفاع مخاطر الفساد والتدخل السياسي وعدم الاستقرار، وهو ما يقود في النهاية الى تباطء وتيرة عودة المهاجرين لأوطانهم الأصلية. ولعل مشكلة الإفلاس التي واجهها لبنان على سبيل المثال أثرت على وتيرة تحويلات المغتربين خاصة بعد أزمة الودائع ببعض البنوك اللبنانية[17].

المثال ينسجم أيضاً على سوريا والعراق، حيث يعتبران أكبر مصدر عربي للاجئين في العالم، وذلك بسبب الحروب والصراعات. اذ أن الدولتين تعانيان بشدة من شح الموارد وقلة الكفاءات والمهارات التي استقطبتها دول أجنبية. تداعيات ذلك كانت سلبية على اتجاهات التنمية في البلدين.

ورغم أن بعض الدول المستضيفة للاجئين العراقيين والسورين أعربت عن عبء الكلفة الضخمة لاستضافة المهاجرين اللاجئين، الا أنها بشكل عام تستفيد من تواجدهم وخاصة المهرة منهم بشكل كبير، وبشكل أخص في الدول التي توفر مسارات الاندماج الشامل، حيث تمكن الكثير من السوريين والعراقيين خاصة في أوروبا من النجاح في خلق مشاريع واستثمارات كبرى[18].

الا أنه بعد نهاية الصراعات في سوريا والعراق قليل جدا من اللاجئين من يقررون طواعية العودة[19]، حيث ما تزال سوريا والعراق تشكوان من ضعف مؤشرات الاستقرار والازدهار والأمان. كما أن البيروقراطية والفساد وضعف فاعلية الحكومات وتأخر النهضة الفكرية والعمرانية كلها عوامل لا تشجع المتفوقين من اللاجئين في الخارج للعودة الى دولهم والمساهمة في تنميتها. لذلك فان مدى تحسن مؤشر جودة الحياة في الدول المصدرة للمهاجرين ومدى ديمقراطيتها يعزز من وتيرة عودة المهاجرين[20] المتفوقين في مجالات تخصصاتهم الى أوطانهم الأصلية.

فبعض الدول الغربية توفر فرص اندماج للاجئين والمهاجرين أفضل بكثير من الفرص المتوفرة في دولهم الأصلية. ولعل الدول الأوروبية والولايات المتحدة وكندا من أكثر الدول التي استضافت مهاجرين ولاجئين عرب[21] واستفادة من الكفاءات والمهرة بينهم ومنحتهم الاندماج الكامل في المجتمع بما في ذلك الجنسية والإقامة الدائمة.

التأثيرات السلبية لتصدير المهاجرين واللاجئين تنسجم كذلك بشكل أقل حدة في كل من مصر وتونس والمغرب والجزائر وكلها دول تسارعت فيها وتيرة الطلب على الهجرة واللجوء خلال السنوات الماضية[22] رغم التفاوت بين الدول المذكورة واختلاف الدوافع مع اشتراك أهمية العامل الاقتصادي في تسريع وتيرة الطلب على اللجوء أو الهجرة السرية أو الشرعية.

في حالة هذه الدول، لا تستفيد بشكل مباشر من كثافة عدد المغتربين بالشكل الأمثل. حيث أن استمرار العوامل الدافعة للهجرة في هذه الدول تؤثر على زيادة رغبة الاندماج في المجتمعات المضيفة وتضعف تدريجياً روابط الانتماء في البلد الأصل، ولكن هذا الاستنتاج تقديري فقط ولا ينسحب على جل المغتربين ولكنه فقط تقييم لنتائج زيادة المهاجرين واللاجئين العرب وتداعيات ذلك على البلد المصدر أو الأصل.

أما دول الخليج فعلى الرغم من التحديات، الا أن أغلب الخليجيين حافظوا على الروابط الأسرية والقبلية، وهو ما عزز من توارث الأجيال المتعاقبة العادات والتقاليد رغم مظاهر الانفتاح على الحضارات المختلفة وتحديات العولمة، كما منح استقرار الخليجيين في أوطانهم الفرص للمساهمة في احداث تحولات كبرى خاصة في الامارات والسعودية وقطر وبشكل متفاوت في الكويت وعمان والبحرين.

2023 ©  مركز الشرق الأوسط للاستشارات السياسية والاستراتيجية MENACC

المراجع: 

[1] UNHCR, Asylum Applications, https://www.unhcr.org/refugee-statistics/download/?url=yKvvG6
[2] Latest Asylum Trends – Annual Overview 2022, https://euaa.europa.eu/latest-asylum-trends-annual-overview-2022
[3] UNHCR, Asylum Applications, https://www.unhcr.org/refugee-statistics/download/?url=yKvvG6
[4] UNHCR, Asylum Applications, https://www.unhcr.org/refugee-statistics/download/?url=yKvvG6
[5] Workshop Report, Gulf Societies in Transition: National Identity and National Projects in the Arab Gulf States, Arab Gulf States Institute in Washington, 2016, https://agsiw.org/wp-content/uploads/2016/06/National-Identity_Web-1.pdf
[6] Banafsheh Keynoush, Climate-induced migration in the GCC states: A looming challenge, January 13, 2023, https://www.mei.edu/publications/climate-induced-migration-gcc-states-looming-challenge
[7] Paul Dresch and James Piscatori, Monarchies and Nations, Globalisation and Identity in the Arab States of the Gulf, I.B Tauris 2005, https://www.bloomsburycollections.com/book/monarchies-and-nations-globalisation-and-identity-in-the-arab-states-of-the-gulf/introduction
[8] Ricard González, In the MENA region, more and more young people are identifying as non-religious, 1 December 2020, https://www.equaltimes.org/in-the-mena-region-more-and-more?lang=en#.ZCtBJHZBzIU
[9] Jocelyn Sage Mitchell, Transnational identity and the Gulf crisis: changing narratives of belonging in Qatar, International Affairs, Volume 97, Issue 4, July 2021, Pages 929–944, https://doi.org/10.1093/ia/iiab013
[10] Başak ÖZORAL, THE EFFECT OF GLOBALIZATION IN THE GULF COUNTRIES AND THE CHANGING ROLES OF WOMEN: A COMPARATIVE STUDY ON ARABIA, THE UNITED ARAB EMIRATES AND QATAR, Süleyman Demirel Üniversitesi Vizyoner Dergisi, Yıl: 2022, Cilt: 13, Sayı: 36, 1150-1169, https://dergipark.org.tr/en/download/article-file/2239680

[11]  أنظر تقديرات المركز بناء على تحليل متوسط المدة الزمنية لإقامة المهاجرين واللاجئين اعتمادا على بعض الأرقام الصادرة عن منظمة العمل الدولية والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين
[12] Charlotte Clara Becker, Migrants’ Social Integration and Its Relevance for National Identification: An Empirical Comparison Across Three Social Spheres, Front. Sociol., 03 January 2022, Sec. Migration and Society, Volume 6 – 2021 | https://doi.org/10.3389/fsoc.2021.700580, https://www.frontiersin.org/articles/10.3389/fsoc.2021.700580/full
[13] Zsoka Koczan, Giovanni Peri, Magali Pinat, Dmitriy Rozhkov, The Impact of International Migration on Inclusive Growth, IMF Working Paper, Institute for Capacity Development, 2021 International Monetary Fund WP/21/88; Nancy Foner, Kay Deaux, Katharine M. Donato, RSF: The Russell Sage Foundation Journal of the Social Sciences, Vol. 4, No. 5, Immigration and Changing Identities (August 2018), pp. 1-25 (25 pages), https://www.jstor.org/stable/10.7758/rsf.2018.4.5.01
[14] Philipp Engler, Margaux MacDonald, Roberto Piazza, Galen Sher, Migration to Advanced Economies Can Raise Growth, June 19, 2020,  https://www.imf.org/en/Blogs/Articles/2020/06/19/blog-weo-chapter4-migration-to-advanced-economies-can-raise-growth
[15] Erik Chiniara, Destabilizing the future: the Lebanese Diaspora, https://f3magazine.unicri.it/?p=607
[16] Yehuda Dominitz,   Pierre Lurçat, Les Ma’abarot et les efforts d’Israël pour intégrer les nouveaux immigrants des pays arabes, Dans Pardès 2003/1 (N° 34), pages 257 à 281, https://www.cairn.info/revue-pardes-2003-1-page-257.htm
[17] Reuters, Lebanon banks ‘have no liquidity,’ says bank association secretary general, March 2023, https://www.reuters.com/world/middle-east/lebanon-banks-have-no-liquidity-says-head-banking-association-2023-03-08/#:~:text=The%20crisis%20erupted%20in%202019,law%20had%20not%20been%20adopted.
[18] oneyoungworld report, From Aleppo to Paris: a Syrian refugee’s story of success, 2017, https://www.oneyoungworld.com/blog/syrian-refugee-story-success
[19] Adam Lucente, UN: Majority of Syrian refugees don’t plan to go home within year, al-monitor, 2022, Read more: https://www.al-monitor.com/originals/2022/06/un-majority-syrian-refugees-dont-plan-go-home-within-year#ixzz7y1tAwFhO
[20] IOM, RETURN AND REINTEGRATION, https://www.iom.int/return-and-reintegration
[21] UNHCR, Asylum Applications, https://www.unhcr.org/refugee-statistics/download/?url=yKvvG6
[22] UNHCR, Asylum Applications, https://www.unhcr.org/refugee-statistics/download/?url=yKvvG6; Latest Asylum Trends – Annual Overview 2022, https://euaa.europa.eu/latest-asylum-trends-annual-overview-2022

 

Print Friendly, PDF & Email