تقدير موقف: إسرائيل المصدومة تخطط لتدمير قطاع غزة وتهجير سكانه

رغم نجاح عملية حماس المباغتة، النتائج النهائية لطوفان الأقصى لن تكون في صالح الفلسطينيين أحداث مهمة

9 أكتوبر، 2023


اعداد د. فهد الشليمي خبير استراتيجي ورئيس المركز

 

  • ترجيح إغلاق مؤقت للمسجد الأقصى أمام المصلين الفلسطينيين
  • توقع انهيار منظومة النظام الصحي والخدمي في غزه بشكل شبه كامل
  • كسبت حماس المعركة الأولى من حرب المواجهة
  • دعم فكرة حل الدولتين والتفاوض لن يكون مجديا في الوقت القريب
  • الموقف السياسي الفلسطيني ضعيف نسبياً نظرا للبيانات الدولية الخجولة
  • اسرائيل حصلت سياسياً على دعم سياسي أمريكي غربي سوف تستخدمه في مجلس الأمن
  • دخول اسرائيلي بري في محاور مختلفة وحصر كل سكان غزة في مثلث محكوم الأطراف
  • حماس تحاول الوصول لتوازن الرعب وقصف المدن الإسرائيلية
  • نتنياهو والحكومة الاسرائيلية تحت ضغط الصفعة المباغتة التي وجهتها حماس للروح المعنوية الاسرائيلية
  • السعودية تتواصل مع أمريكا من أجل الضغط على اسرائيل

 

بالرغم من النجاح التكتيكي العسكري والشعبي الذي أحرزته حماس الا أن النتائج النهائية المقبلة لن تكون في صالح الشعب الفلسطيني. فقد خسر الفلسطينيون التضامن الأوروبي والأمريكي الذي تعزز في المقابل مع إسرائيل. كما من المرجح تكبد غزة لخسائر فادحة قادمة قد تكون صادمة ان لم يردعها المجتمع الدولي. بالإضافة الى عدم استبعاد انقطاع شامل للخدمات والكهرباء والوقود والاتصالات عن قطاع غزه وبعض المناطق الفلسطينية لفترات طويلة.

هذا بالإضافة الى توقع انهيار منظومة النظام الصحي والخدمي في غزه بشكل شبه كامل. فضلاً عن فرض حصار طويل الأمد على غزه والضفة الغربية، علاوة على ترجيح إغلاق مؤقت للمسجد الأقصى أمام المصلين الفلسطينيين. هذه الفرضيات قد تصاحبها جرائم حرب إنسانية قد تقدم عليها الحكومة الاسرائيلية التي تعيش في هيستيريا عسكرية وسياسية من أجل الانتقام بكل الأساليب المشروعة وغير المشروعة لاستعادة هيبة قوتها التي استطاع بعض المسلحين تكذيب أسطورتها التي لا تقهر.

اسرائيل تعيش هيستيريا في كل مستوياتها وخطة المثلث محكوم الأطراف

كما توقعنا في تقدير الموقف السابق تم فرض اغلاق كامل على غزة ومنع دخول الخدمات الأساسية من كهرباء وماء ووقود وتعرض القطاع الصحي في غزة للانهيار. يحب أن نتذكر أن اسرائيل تعيش هيستيريا في كل مستوياتها وخصوصاً حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة.

أعلنت اسرائيل أنها لن تتفاوض بشأن الأسرى ولكن في الواقع هي تقوم بأعمال التدمير الشامل للبنية التحتية والسكنية وخلق حالة من التهجير القسري لمواقع ومناطق مختارة تكون خالية من السكان للتمهيد المستقبلي لدخول بري في محاور مختلفة وحصر كل سكان غزة في مثلث محكوم الأطراف بعد أن تخلق حالة من المناطق المحرمة في غزه لا يتواجد بها أحد وتقوم فيها بعمليات التفتيش والتدقيق الأمني.

الموقف السياسي الحالي الإسرائيلي:

1-   نتنياهو والحكومة الاسرائيلية تحت ضغط الصفعة المباغتة التي وجهتها حماس للروح المعنوية الاسرائيلية.

2-   تحاول الحكومة الاسرائيلية رفع الروح المعنوية واسترداد ثقة سكانها بعمليات القصف الجوي السجادي carpet bombing أي قصف مناطق لإخلائها من سكانها.

3-   حصلت اسرائيل سياسياً على دعم سياسي أمريكي غربي سوف تستخدمه في مجلس الأمن.

4-   الخطاب الاسرائيلي الحالي خطاب عسكري وليس سياسياً يميل الى ذكر مصطلحات الارهاب الذي تمثله حماس وموجهاً لدول العالم مفاده بأن اسرائيل تخوض حرباً ضد الارهاب على شعبها.

5-   وجهت اسرائيل رسائل تحذير لإيران عبر طرف ثالث بعدم التورط.

6-   طالبت العديد من الدول غير الغربية بتهدئة الوضع وبحل الدولتين ولم تستنكر القصف الاسرائيلي المبالغ فيه على غزة مما يعد كسباً سياسياً دولياً مرحلياً لنتنياهو.

7-   سوف نشاهد بيانات عربية عن حل الدولتين ولكن بدون جدوى حالياً.

الموقف العسكري الإسرائيلي:

1-   نظرا لارتفاع الخسائر في الأرواح من الجانب الإسرائيلي سلاح الجو الاسرائيلي سيقوم على الأرجح بقصف القطاع بنية التدمير الشامل واخلاء وتهجير السكان من محاور الدخول البري المحتملة من جانب إسرائيلي.

2-   تتوقع المؤسسة العسكرية الاسرائيلية ان تحارب على جبهتين من لبنان ومن غزة وتعتمد على سلاح الجو في التدمير لغزة والتحييد في جنوب لبنان.

3-   الضربات الجوية ضد غزة تعتمد على نية تهجير السكان المحليين في غزة الي مناطق محصورة في شكل مثلث مناطقي وخلق الظروف لدخول بري وسوف يتم عرضه على الاعلام الاسرائيلي لرفع معنويات الإسرائيليين.

4-    جنوب لبنان ومزارع شبعا تحت مراقبة الطائرات المسيرة واستخدام للمدفعية.

5-    سوف تنتهك اسرائيل اتفاقية جنيف لحماية المدنيين في سبيل خلق مناطق محرمة.

6-   استهداف البنية التحتية الفلسطينية في غزة لجعلها غير أهلة للسكن.

7-   سوف نلاحظ من بعد الغد نقصا في الرشقات الصاروخية التي تقوم بها حماس وسوف تستخدم حماس الرشقات الصاروخية ليلاً.

8-   الهستيريا الاسرائيلية لن تتوانى عن قصف اي هدف كان مدنيا أو صحياً

الموقف السياسي الفلسطيني:

1-   الموقف السياسي الفلسطيني ضعيف نسبياً نظرا للبيانات الدولية الخجولة.

2-    حماس ليس لديها غطاء سياسي دولي وقد تقوم السلطة الفلسطينية بهذا الدور.

3-    بيانات الجانب الإيراني لن تجلب فائدة او تقدم سياسي.

4-   سوف تتحرك السلطة الفلسطينية التواصل لحشد الدعم والمساندة السياسية عربيا ودوليا مثل روسيا والصين للوصول لتهدئة القصف والاعمال العسكرية

5-   سوف نشاهد صمتا دوليا بينما الفلسطينيون يذبحون ويهجرون

6-   الدول الأوربية وأمريكا قامت بتجميد أكثر من 600 مليون دولار مما يعد دعما لإسرائيل

7-   سوف تكتفي الدول العربية بالتواصل مع السلطة الفلسطينية ودعمها وجعلها المفاوض الأساسي.

الموقف العسكري الحمساوي:

1-    تحاول حماس الوصول لتوازن الرعب وقصف المدن الإسرائيلية.

2-   قد تعاني حماس من نقص في الصواريخ وقواعد اطلاقها خلال الايام القادمة.

3-   تهجير سكان غزة سوف يشكل عبئا بشرياً وانسانياً على حماس

4-   نقطة القوة الباقية لحماس هو ملف الأسرى والرهائن الإسرائيليين.

5-    سوف نشاهد زيادة في الخسائر الفلسطينية وهو أمر متوقع.

6-    قد تستجيب حماس لإطلاق سراح بعض الأطفال وكبار السن لتخفيف الضغط ولكن ليس خلال العمليات العسكرية وقد تكون بعد الدخول البري الإسرائيلي

تقدير الموقف:

1-   تمارس اسرائيل سياسة القصف الجوي الأعمى لكل المباني بقصد تهجير السكان وحصر السكان الغزاوي في مدارس الاونروا أو المستشفيات.

2-   هذه الممارسات تؤهل لدخول بري اسرائيلي متوقع من اتجاهين أو ثلاثة.

3-   حجم الخسائر الفلسطينية مع الأسف كبير جدا ولكن لم تتضح الصورة بعد.

4-   يهتم القادة الإسرائيليون بمخاطبة مواطنيهم بخطاب الانتقام وصوت الحرب.

5-   الدولة الوحيدة الضاغطة على اسرائيل في هذه المرحلة هي أمريكا وهي تدعم اسرائيل في هذا الوقت

6-   السعودية تتواصل مع أمريكا.

دوافع عملية طوفان الأقصى:

مقدمة: كان للحكومات اليمينية المتطرفة في إسرائيل دور مؤثر في عرقلة الجهود المبذولة الدولية والعربية لتهدئة التوتر المشحون بالغضب والعنصرية والعرقية المتبادل بين الفلسطينيين والإسرائيليين. فقد مارست هذه الحكومات تهميش دور السلطة الفلسطينية في رام الله وعدم التعاون معها طوال سنوات سابقة ومارست سياسة الإغلاق على قطاع غزة وسياسات التعدي على المسجد الأقصى في مرات متعددة وقامت الحكومات اليمينية المتطرفة بدعم قطعان المستوطنين للتعدي على المناطق الفلسطينية المجاورة مما أوجد حالة من الانسداد السياسي لأي جهود ممكنة يتم عرضها على طاولة الحل السياسي للوصول الى حالة الدولتين وجعل القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية.

عانت الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة حالة من الهشاشة السياسية في عدم حصول الحكومات المتعاقبة على أغلبية مريحة وكاملة في الكنيست الاسرائيلي مما خلق حالة من الجمود السياسي بين اليمين المتطرف واليسار الاسرائيلي.

وإذا دققنا الدراسة والنظر في حكومة نتنياهو فإنها حكومة تشكلت بعد مخاض عسير في انتخابات متقاربة وتشكلت على تحالفها مع اليمين المتطرف العنصري الذي يريد دولة يهودية صرفة لا تسمع أصوات السلام أو التهدئة، ومارست هذه الحكومة التجاهل السياسي للسلطة الفلسطينية التي أصبحت عاجزة عن ممارسة أدوارها السياسية والعلاقات الدولية مع الحكومات الإسرائيلية.

وفي قطاع غزة الذي يعتبر من أكثر المناطق ازدحاماً في العالم نظرا لصغر مساحة القطاع وهي 365كم مربع وبكثافة سكانية تتجاوز مليونين ومائتين ألف نسمة وبمعدل بطالة يلامس 50% من سكان القطاع في سن العمل مارست اسرائيل سياسة محكمة الاغلاق والتضييق على سكان هذا القطاع مما أوجد حالة من الغضب والعنف والاستعداد لتغيير الواقع في ظل التجاوزات الاسرائيلية من التحكم بدخول الأموال والوقود والكهرباء.

نقاط القوة والضعف بين الجانبين:

  • نقاط القوة السياسية لإسرائيل:

1-   دعم أمريكي وأوربي بعد عمليات طوفان الأقصى.

2-   دعم اعلامي سياسي غربي وأمريكي.

3-   دعم اقتصادي أمريكي متوقع.

4-   تضامن سياسي محلي بين اليمين واليسار الإسرائيلي.

نقاط الضعف السياسية لإسرائيل:

1-   عدم توافق مجلس الأمن والأمم المتحدة مع اسرائيل حول السياسات الاستيطانية والعنصرية.

2-    عدم توافق حكومات اليسار العالمي مع السياسات اليمينية المتطرفة الإسرائيلية.

3-   قد يصدر بيان من مجلس الأمن يطالب بوقف التصعيد وهذا لا يخدم الجانب الإسرائيلي.

  • نقاط القوة السياسية لحماس:

1-   دعم شعبي مؤقت للنجاحات الحمساوية.

2-   نجاح اعلامي سياسي عسكري حمساوي اقليمي في المرحلة الأولى.

نقاط الضعف السياسية لحماس:

1-    الخلاف الفلسطيني –الفلسطيني.

2-    عدم وجود غطاء دولي لمنظمة حماس والفصائل الأخرى.

3-   تصنيف حماس كمنظمة تمارس العنف غير المبرر.

4-   ضعف الامكانيات الاقتصادية لحماس.

5-   عدم وجود دعم عربي كامل لأسلوب حماس ومرجعتيها السياسية وخصوصاً مع إيران.

6-   دعم عربي للسلطة الفلسطينية ماعدا بعض الدول العربية.

  • نقاط القوة العسكرية الإسرائيلية:

1-    مئات الألاف من الجنود.

2-   منظومة التسليح المتقدمة والاتصالات.

3-    استمرارية التسلح الإسرائيلي المستمرة

4-   التفوق الجوي الكامل “سيادة جوية”.

5-   الدعم والمساندة الأمريكية.

6-    محدودية مساحة أرض عمليات غزه.

  • نقاط الضعف العسكرية الإسرائيلية:

1-   الخرق الامني للأمن الإسرائيلي.

2-   فشل منظومة الاستخبارات الاسرائيلية في توقع الهجوم وحجمه وتوقيته.

3-   عدم كفاءة منظومة اعتراض الصواريخ الحمساوية.

4-   الهزيمة المعنوية والإعلامية للجيش الإسرائيلي.

5-   وجود أسرى ورهائن من الجيش الاسرائيلي والمدنيين لدى حماس.

  • نقاط القوة العسكرية لحماس:

1-   نجاح الصولة الاولى من الهجوم الحمساوي ونشرها إعلامياً.

2-   القدرات الصاروخية الحمساوية وقدرة الوصول Reach.

3-   التخفي والاستعداد للمعركة والتجهيز المسبق.

4-   العقيدة الاستشهادية لحماس والدعم المعنوي.

5-    وجود أسري ورهائن إسرائيليين لدي حماس بأعداد كبيرة

  • نقاط الضعف العسكرية لحماس:

1-   ضيق مساحة المناورة في قطاع غزه الضيق.

2-   عدم امكانية الاستدامة العسكرية لفترة طويلة.

3-    عدم وجود دفاعات جوية.

4-   عدم وجود دعم عسكري خارجي لإسناد عمليات حماس وعدم فتح جبهات متعددة ضد إسرائيل

الاستنتاج والتحليل الأولي:

1-    العمليات العسكرية الإسرائيلية ضد القطاع ستستمر بصورة تصعيدية وتستهدف البنية التحتية الحمساوية في غزة وسوف يتضرر مئات الألاف من ساكني القطاع

2-    قد تطور اسرائيل عملياتها البرية داخل القطاع لفترة مؤقتة.

3-   انهيار للقطاع الخدمي والصحي والوقود والكهرباء في غزه

4-   زيادة كبيرة في أعداد الشهداء والمصابين في القطاع

5-   دمار كبير متوقع في المباني والمنشآت وانقطاع الكهرباء.

الصدمة العنيفة التي تمر بها اسرائيل ناتجة من العوامل التالية:

1-   فشل استخباري وأمني اسرائيلي في توقع الهجوم الحمساوي.

2-   التخطيط والتنسيق العالي المستوى الذي قامت به حماس.

3-   تنسيق الهجوم والتسلل البحري والبري والجوي كان أسلوبا غير عادياً تميز بالجراءة والشجاعة.

4-    قلة العناصر العسكرية الاسرائيلية المكلفة بالحراسة وبطء الاستجابة ورد الفعل الاسرائيلي على التسلل الحمساوي

5-   الاستخدام المسبق للحرب السيبرانية والتعتيم على كاميرات المراقبة.

6-   الإهمال والغرور الاسرائيلي في تأمين مستوطنات حزام غزه.

7-    تعدد محاور التسلل الحمساوي ونقاط الدخول شتت الجهد الإسرائيلي.

8-   الرشقات الصاروخية الكثيفة من حماس ونقل المواجهة الى العمق الاسرائيلي جعل الاهتمام قليلاً بالمستوطنات الإسرائيلية

9-   البث الاعلامي المباشر للعملية أصاب الاسرائيليين بالذهول والصدمة.

الملخص التحليلي: كسبت حماس المعركة الأولى من حرب المواجهة ونجحت بهزيمة اسرائيل نفسياً وتكتيكياً وكان الهدف الرئيسي جلب الأسرى والرهائن لمبادلتهم بكوادر حماس والفصائل المحبوسين في السجون الإسرائيلية.

حرب أكتوبر أخرى تقوم بها المنظمات الفلسطينية تقودها حماس ضد مستعمرات غلاف غزة. الصدمة والمفاجأة والتوقيت وصيد الأسري الإسرائيليين من مدنيين وعسكريين والقصف الصاروخي في العمق الإسرائيلي هو أبرز سمات المرحلة الأولى التي كسبتها حماس. إسرائيل مصدومة جداً من المفاجأة ونتوقع رداً إسرائيلياً في مرحلة لاحقة سيتم بموجبه تبادل أسرى بين الطرفين. لكن لا نستبعد ان تقوم إسرائيل أيضاً باحتجاز مئات المدنيين الفلسطينيين للمبادلة بهم لاحقاً. الموقف العسكري سوف يتصاعد وخصوصاً من الجهة الإسرائيلية. حماس كسبت تكتيكياً وإعلامياً. لكن بالنسبة لإسرائيل فحالياً أولوياتها امتصاص الصدمة وتطهير المستعمرات في غلاف غزة زيادة عن تطبيق الإجراءات الأمنية المشددة في كامل إسرائيل مع استمرار التعبئة العامة الاسرائيلية.