مخاوف من اغتيالات كبرى في ليبيا لحسم الصراع

قلق من امكانية تحول أراضيها الى معبر لتهريب أخطر الأسلحة أحداث مهمة

23 يناير، 2020


–         الصراع على طرابلس قد يستمر لسنوات ويشرد الألاف

–         دور أجهزة المخابرات العالمية في ليبيا مقلق

23 يناير 2020

قسم أبحاث مركز (MenaCC)

ملخص التقرير :

زادت احتمالات لمخاوف تنفيذ اغتيالات سياسية كبرى في ليبيا لحسم الصراع الدائر والمستمر رغم الهدنة المعلنة بمقتضى مؤتمري موسكو وبرلين الأخيرين.

ولا يبدو أن الأطراف المتنازعة مقتنعة في الفترة الحالية بجدوى حل سياسي للأزمة، وهو ما يثبته استمرار تسلح الطرفين استعدادا لصراع مقبل على الأرجح مدفوعاً بتدخل أطراف دولية واقليمية كثيرة لا تساعد خلافاتها في الحقيقة على إيجاد حل ليبي ليبي، وسط عدم وجود رؤية سياسية متوازنة ترضي جميع الأطراف لمنع الانقسام والاقتتال وإرساء أول جمهورية بعد اغتيال الرئيس الليبي السابق معمر القذافي.

وحسب رصد لإدارة توقعات المخاطر بمركز الشرق الأوسط للاستشارات السياسية والاستراتيجية (MenaCC)، اعتمادا على مصادر مختلفة، فان مئات الطائرات بدون طيار (صينية وتركية وأوروبية وأمريكية وروسية وخليجية وغيرها كثير[1]) والتي تجوب أجواء ليبيا الشاسعة حسب اعتراف دول كثيرة، فضلاً عن التحركات العسكرية الدائرة على الأرض الليبية وزيادة اختراق أجهزة المخابرات العالمية للتراب الليبي، وعدم توافق حقيقي على حل سياسي شامل، وزيادة دخول أسلحة كثيرة متطورة خاصة الطائرات بدون طيار، قد تشير الى احتمالات مقلقة يتمثل أقصاها في الاقدام على تنفيذ اغتيالات لشخصيات محورية من هذا الطرف أو ذك. وان كان احتمالا ضعيفاً لكن يبقى واردا في ظل الحرب الباردة بين أطراف النزاع واستماتة كل طرف بحقه، وانكار حق الاخر، فضلاً عن زيادة خطاب الكراهية[2] والانتقام والتي ساهمت في اذكائها دول أجنبية انساق بعض الليبيين ورائها.

ونظرا لزيادة استخدام الطائرات بدون طيار وبتكنولوجيا عالية في ليبيا وعدم وجود أي قوانين تمنع ذلك[3]، فان نسبة المخاطر ارتفعت بشكل كبير، ما يجعل زيادة استعمالها في الصراعات قد يخلف عددا كبيرا من الضحايا حسب اعتراف الأمم المتحدة، وأيضا قد يتم استعمالها في تنفيذ اغتيالات موجهة.

وما يزيد من نسبة القلق حول النظرة المستقبلية لمسارات الصراع والهدنة في ليبيا، هو ان النزاع على طرابلس قد يستمر لسنوات ضمن حروب كر وفر قد تشرد الألاف. ويؤكد هذا القلق استمرار تواجد عدد كبير من المتطرفين والعصابات الدولية والإرهابيين الذين حذرت حكومات أجنبية من زيادة خطرهم[4] وقد يكون بعض المتسللين الى الأراضي الليبية متورط في عمليات قتل ومتدربين على الاغتيالات. لكن مثل هذا الاحتمال زاد خطره في ظل رصد زيادة استخدام طائرات بدون طيار قد تقع في ايدي متطرفين او مجرمين أو مرتزقة تابعين لأجهزة مخابرات مختلفة من مصلحتها اشعال الحرب الاهلية في ليبيا من اجل ضمان موطأ قدم في أكثر دول المغرب العربي ثراء بالطاقة.

لكن ما يثير الانزعاج بشكل جدي هو أن الهدنة قد تخفي ورائها مساعي حثيثة على الأرض لنشاط تهريب السلاح والمخدرات من دول افريقية الى ليبيا. وما قد يكون أخطر على دول الجوار الليبي هو ان تتحول ليبيا أيضا الى معبر اقليمي لتهريب السلاح والمخدرات والمهاجرين غير الشرعيين[5].

وقد رصدت تقارير دولية واستخباراتية استمرار تدفق الدعم العسكري لطرفي النزاع في ليبيا على الرغم من اعلان الهدنة[6]، وتزيد المخاوف من زيادة خرق تركيا للحظر المفروض على ارسال أسلحة الى ليبيا، لاسيما الطائرات بدون طيار[7] وبقدرات قتالية متقدمة قد تكون أداة في أي صراع إذا فشلت مفاوضات السلام والهدنة، لكن المقلق أكثر انها قد تسقط بين ايدي متطرفين ويستخدمونها في عمليات اغتيال.

وتخلص التوقعات أيضاً الى انه لا يبدو أن أي طرف في الصراع يريد فعلاً توحيد ليبيا بل يسعى كل طرف الى السيطرة الكاملة على ليبيا. حيث يبرز خلاف جوهري وانشقاق كبير حتى بين رفاق التمرد على القذافي. حيث ظلت الجماعات المتمردة التي اتحدت ضد القذافي منقسمة بشدة بسبب الأيديولوجية والدين والإثنية، وتستمر في قتال بعضها البعض من أجل السيطرة على ليبيا. وقد قال الرئيس الأمريكي السباق باراك أوباما في عام 2016 إن أسوأ خطأ في رئاسته كان “الفشل في التخطيط لليوم التالي” للتدخل في ليبيا. اذ ان مستوى العنف في ليبيا لا يظهر أي علامة على التراجع[8]. كما باتت الأجواء الليبية مسرحاً لعمليات تجربة أسلحة جديدة ومتطورة أبرزها drones. بالإضافة لذلك، تحولت ليبيا الى تراب لصراع القوى العظمى[9].

وبذلك لا يبدو أن ليبيا قد تعرف استقرار على المدى القريب في ظل توسع التدخل الأجنبي، وان الحل قد يكون إقليميا على مستوى المغرب العربي ودوله المجاورة.

 

المصدر: مركز الشرق الأوسط للاستشارات السياسية والاستراتيجية (MenaCC)

 

 

 

[1] Sudarsan Raghavan, In Libya, cheap, powerful drones kill civilians and increasingly fuel the war, Washington post. 22, 2019,https://www.washingtonpost.com/world/middle_east/libyas-conflict-increasingly-fought-by-cheap-powerful-drones/2019/12/21/a344b02c-14ea-11ea-bf81-ebe89f477d1e_story.html, see Reuters, U.N. report finds likely use of armed drone in Libya by Haftar or ‘third party’, https://fr.reuters.com/article/worldNews/idUSKCN1SE2RF, and see Chinese drones hunt Turkish drones in Libya air war, https://www.scmp.com/news/world/middle-east/article/3030823/chinese-drones-hunt-turkish-drones-libya-air-war, and see Defense news, Italian drones, https://www.defensenews.com/global/europe/2019/11/21/italy-confirms-military-drone-crashed-in-libya/
[2] Moutaz Ali, Hate speech leads to violence, 29/04/2019, https://www.dandc.eu/en/article/civil-war-libya-exacerbated-hate-speech-and-propaganda
[3] Drone laws in libya, https://uavcoach.com/drone-laws-in-libya/
[4] UK government foreign advice report, https://www.gov.uk/foreign-travel-advice/libya/terrorism
[5] EU Border Assistance Mission in Libya (EUBAM), Combatting Organised Crime in Libya, 4 decembre 2019,

https://eeas.europa.eu/csdp-missions-operations/eubam-libya/71523/combatting-organised-crime-libya_en
[6] Khalifa Haftar and Fayez Sarraj get air support, Africa Intelligence, Maghreb Confidential, 23/01/2020, https://www.africaintelligence.com/MCE/corridors-of-power/2020/01/23/khalifa-haftar-and-fayez-sarraj-get-air-support,108390729-ART
[7] Violating UN Arms Embargo, Turkey’s AKP Government Ships Armed Drones, Armored Vehicles, ‘Laser Weapons,’ Other Arms And Ammunition To Pro-Islamist Government In Libya, Trains Libyan Military And Police Personnel, December 6, 2019 Special Dispatch No.8395, https://www.memri.org/reports/violating-un-arms-embargo-turkeys-akp-government-ships-armed-drones-armored-vehicles-laser
[8] Sam Meyerson, How to Fail at Regime Change, Harvard Politcal Review, January 22, 2020, http://harvardpolitics.com/world/regime-change-failure/
[9] AFRICOM demands return of US drone shot down by Russian air defenses over Libya, militarytimes, dec 2019, https://www.militarytimes.com/flashpoints/2019/12/10/africom-demands-return-of-us-drone-shot-down-by-russian-air-defenses-over-libya/