الكويت تنهي أكثر العقود اضطراباً بآفاق استقرار مشروط

تقرير رصد المخاطر سبتمبر 2020: الكويت لا تواجه أي أزمات طارئة أو تهديدات محدقة في الخمس سنوات المقبلة أحداث مهمة

22 سبتمبر، 2020


  • الكويت لا تواجه مخاطر سياسية داخلية أو تهديدات خارجية محدقة قد تقوض من أمنها الوطني

 

ادارة أبحاث المركز

MenaCC

الكويت 22 سبتمبر 2020

الملخص: تنهي الكويت قريباً العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين لتدخل عقداً ثالثاً بتوقعات متفائلة حول مستقبل الاستقرار السياسي والأمني والاجتماعي والاقتصادي حيث تعززت عوامل تحفيز إيجابية لمستقبل الكويت قريب المدى. اذ أسهمت مؤشرات تحسن الممارسة الديمقراطية للسلطة وتعزز الدور الرقابي فضلاً عن التدخل الحاسم لنائب الأمير الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح في تأكيد هيمنة الدستور ومساواة الجميع أمام القانون في ظل الحرب على الفساد في تعزيز ثوابت النظام ودولة المؤسسات وهو ما أثر إيجاباً على تقليص احتمالات المخاطر قريبة المدى وتعزز مناخ الاستقرار والسلم الداخلي.

ولعل استجواب رئيس الحكومة، سبقته احالة أفراد من الأسرة الحاكمة وعدد من كبار الضباط الى المحاكمة، هي دلالات واضحة على مسار الكويت المستقبلي الهادف نحو زيادة الالتزام بدولة القانون والمؤسسات. أما الجدل حول من يحكم الكويت في المرحلة المقبلة والذي اثارته منصات الاعلام الجديد، فقد حسمه دستور البلاد بـ”أن الأمير هو من يعين الأمير القادم” ولا مجال للتكهنات. لكن لا تنفي هذه الشواهد المكؤدة لاستقرار واستمرار الدولة ترقب نبرة عالية للخطاب والنقد السياسي يبررها التنافس المحموم  في الانتخابات البرلمانية الوشيكة في آواخر نوفمبر المقبل.

وحسب خلاصة رصد المخاطر باتت الكويت الى أفق 2020-2025 لا تواجه احتمالات مخاطر اضطراب سياسي داخلي أو تهديد خارجي محدق قد يقوض من أمنها القومي حسب آخر تحديث لرصد المخاطر لمركز الشرق الأوسط للاستشارات السياسية والاستراتيجية (MenaCC) لشهر سبتمبر الجاري.

وتم تصنيف العقد الماضي (2010-2020) بين أكثر عقود القرنين العشرين والواحد والعشرين اضطراباً سياسياً واقتصادياً وأمنياً خاصة في العالمين العربي والإسلامي، وذلك بالتزامن مع تسجيل أكبر تغيير في الأنظمة السياسية العربية منذ الاستقلال (ما يسمى بالربيع العربي)، مروراً بصراعات مسلحة وفتن طائفية أججها ظهور تنظيمات إرهابية قادت الى مقتل الالاف من الشباب العربي وأسهمت في تحريف غير مسبوق لمقاصد الشريعة وسمعة الإسلام ما نتج عن ذلك زيادة صعود الاسلاموفوبيا بوتيرة أكبر حتى من تداعيات هجوم 11 سبتمبر 2001، وصولاً الى نهاية العقد الحالي بتضرر أغلب الدول العربية بوباء (فيروس كورونا) لم يكن له نظير منذ 100 عام، وما تزال أغلب الدول في العالم تكافح من أجل تخفيف تداعياته التي قادت الى اغلاق وحظر تجول في عدة دول عربية وصف بالأول في التاريخ المعاصر والذي تسبب لاحقاً بانهيار مؤشرات مستقبل التنمية العربية في دول كثيرة خاصة محدودة الدخل والتي تسعى الى استباق انفجار غضب شعبي من تردي الأوضاع وزيادة غير مسبوقة في معدلات الفقر والبطالة، ما أدى الى عدم استقرار حكومي في بعض الدول بسبب تفاقم مؤشر العجز الإداري ومحدودية الكفاءة في إدارة ازمات متلاحقة أدت الى احتجاجات وحرب غير مسبوقة بدوافع شعبوية ضد الفساد والنخب السياسية وشبكات المصالح والنفوذ.

مسار الأحداث بين محن وأزمات متلاحقة ومصيرية التي شهدتها الدول العربية قاطبة خلال العقد الأخير وان حملت رياح التغيير نحو المجهول في بعض الأقطار، الا أن بلداناً أخرى بينها الكويت صمدت أمام محاولات انحراف المسار والاستقرار السياسي والاجتماعي نحو الفوضى. وبدلاً من ذلك أثبتت السياسات الكويتية قدرة على توفير استقرار داخلي تفتقده شعوب كثيرة في العالم العربي وخاصة على مستوى استشراف حياة الرفاه في المستقبل ومقومات الازدهار على المدى القريب وذلك حسب دراسة مؤشرات مختلفة متعلقة بالأمن والسياسة والاقتصاد والرفاه الاجتماعي.

وحسب تحديث تقرير رصد المخاطر لمركز (MenaCC) في سبتمبر 2020 فقد ثبت أن الكويت لا تواجه أي أزمات طارئة أو تهديدات محدقة على امتداد الخمس سنوات المقبلة إذا حافظت مستقبلاً سياساتها الحالية على منهج توجهات الأمير الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح بالنظر الى التوازنات المحلية والإقليمية والدولية مع اعلاء مبدأ “أولوية الكويت” في استراتيجية النمو المستقبلي والتنمية وخارطة المصالح المتغيرة عربياً ودولياً.

الا أن توقعات مستقبل الاستقرار في الكويت لا تنفي وجود تحديات حقيقية قد تتحول الى مخاطر متوسطة المدى وقد يكون لها انعكاسات سلبية على مسارات التنمية والاستقرار. وأبرز هذه التحديات محدودية تنوع موارد الدولة، واستمرار ثقافة الاعتماد المفرط على القطاع العام، وبطالة الكويتيين في القطاع الخاص وتراكم تداعيات وافرازات عدم حسم قضايا خلل التركيبة السكانية و”البدون”.

لكن بالرجوع لدارسة آفاق الاستقرار، فان هناك مؤشرات قوية على تحسن ملحوظ لتموقع الكويت في خارطة المخاطر المستقبلية الداخلية والخارجية المحدقة بنجاح مؤسسات البلاد نتيجة توفر ارادة سياسية عليا في تقليص مخاطر الانحراف المستقبلي للنظام وللإدارة والمؤسسات والسلطة، وعززت هذه الإرادة ممارسة مبدأ علوية القانون ومفهوم دولة المؤسسات والفصل بين السلطات وتحسين مكاسب الديمقراطية على الرغم من الانتقادات على غرار تأخر تحسن مؤشرات الفساد والشفافية مقارنة بدول عربية أخرى.

وقد حامت شكوك حول مصير استقلالية ونزاهة السلطات والمؤسسات. هذه الشكوك والاشاعات تم تداولها خاصة على بعض منصات الاعلام التقليدي والجديد. وقد أساء هذا النوع من الاعلام الجديد (منصات التواصل الاجتماعي خاصة) استخدام الخطاب السياسي لابراز سلبيات الدولة مع اغفال الايجابيات، الا أن تدخل القيادة السياسية العليا في الوقت المناسب قطع الشك باليقين ودعم تصحيح الانحرافات ومحاربة الظواهر السلبية وأعطى أولوية للتغير الإيجابي بمراعاة الظروف المستجدة خاصة تداعيات وباء كورونا المستجد وتراجع دور الاقتصاد النفطي في صنع الثروات المستقبلية للبلاد مع إعطاء أولوية مطلقة للمبادرة الشبابية والابتكار والمشاريع الخاصة وتوسع حجم القطاع الخاص في صناعة الثروة بجانب القطاع العام من أجل ضمان التوازن وعدم الاختلال بين الطبقات ومكونات الشعب.

ومع تعزيز المبادرات الفردية وتحفيزها لصناعة الثروة، تزيد أهمية حيوية لزيادة تدخل المؤسسة التشريعية ومؤسسات المجتمع المدني في تصحيح شروط وثقافة العمل لتسريع الانتقال التدريجي من اقتصاد الدولة الى اقتصاد السوق مع عدم مساس أي تغيير أو اصلاح مرتقب لصالح القطاع الخاص بالحقوق والمكاسب الاجتماعية للأفراد مع ضمان الدولة الحد الأدنى من الخدمات الأساسية التي توفر الكرامة والعيش والعمل لأفراد الشعب الكويتي.

 

 

2020 ©  مركز الشرق الأوسط للاستشارات السياسية والاستراتيجية MenaCC