الرؤية الأمنية الإماراتية لمواجهة التهديدات الحوثية

مدفوعة بحالات الطوارئ والمخاطر المتزايدة أحداث مهمة

22 مارس، 2022


الكويت، 22 مارس 2022 (MenaCC): يثير تصعيد التهديدات المتأتية من اليمن ومن جماعة الحوثيين إعادة النظر في مفهوم تحديات الأمن القومي الخليجي وخاصة تحديات الأمن على السعودية ودولة الامارات.

في ظل سعيها لحماية أمنها، تفرض أبو ظبي رؤية مختلفة لحاجة الأمن والسلم، والتي تشترك فيها مع أغلب دول الخليج والتي تتبلور خاصة في أهمية زيادة تحصين المظلّة الدفاعية الخليجية ضد المخاطر والتهديدات العسكرية التي تمثلها كل من إيران وميلشياتها المنتشرة في جوار دول مجلس التعاون. ونجحت ديبلوماسية الامارات والسعودية في تحفيز أكبر عدد ممكن من القوى الدولية المتضامنة مع دول مجلس التعاون والمؤيدة لضرورة وقف إرهاب الحوثيين في اليمن.

وضمن دراسة منشورة للمركز بعنوان “الامارات وإعادة التموقع في العالم: توازن التحالفات ومصالح الخليج أولاً“، طوّرت دولة الإمارات العربية المتحدة فلسفتها الأمنية الخاصة مدفوعة بحالات الطوارئ والمخاطر المتزايدة، في المنطقة والعالم على حد سواء، حيث عززت السلطات الإماراتية دراسة توقعات المخاطر بالإضافة إلى دعم المرونة في الاستجابة السريعة للتهديدات الجديدة من خلال القدرة على تقييم التهديدات المحتملة. الحرب واحتمالات الصراع أصبحت حقيقة ثابتة في الشرق الأوسط. اذ أن التهديدات العابرة للحدود، بما في ذلك السياق الإقليمي، والحرب في اليمن، وانعدام الأمن في بلاد الشام، والتوترات مع إيران تؤثر على الاستقرار العام للشرق الأوسط والخليج، وبالتالي على استقرار الإمارات العربية المتحدة[1]. من أجل ذلك، تنتهج الامارات تعزيز سياسة “تحالفات المصالح” مع اعلاء مصلحة الخليج أولاً، حيث تعتمد على توزان العلاقات والشركاء الدوليين والاقليميين.

ولعلّ الاجتماع الأخير بين ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت في شرم الشيخ، يعكس رغبة إماراتية في فرض اجماع حول تصور أمني جديد لمنطقة الشرق الأوسط يحد من أي مخاطر مستقبلية لسياسات ايران في المنطقة علاوة على ايجاد آليات جديدة لاجتثاث الإرهاب وتجريم التطرف ووقف أي امدادات للمتمردين كالحوثيين والمنظمات الإرهابية المسلحة. لكن هذا التصور قد لا يكون واقعياً دون اقناع إيران بأي شكل من الأشكال للحد من دعمها للحركات المسلحة المتمردة وفي مقدمتها الحوثيين.

وتعي أبو ظبي جيدا أن التفاهم مع إيران قد يستوجب تقارب الرؤى بين دول الشرق الأوسط والاتحاد الروسي الحليف الأول لطراهن منذ عقود.  

على صعيد آخر، تعكس آخر زيارة قام بها إلى إيران مستشار الأمن القومي الإماراتي، الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان، تحولاً مهماً في سياسات الإمارات تجاه جيرانها الإقليميين. ويبدو أن أبو ظبي تتبنى نهجًا أكثر براغماتية مع تركيا واسرائيل وإيران من أجل فوائد أمنية واقتصادية[2]. فلطالما اعتبرت الإمارات على سبيل المثال توسع إيران الإقليمي أحد أكبر التهديدات لأمنها القومي، خاصة بسبب احتمال امتلاك إيران أسلحة نووية. ومع ذلك تغلّب أبو ظبي أولوية الحلول الديبلوماسية بدلاً عن علاقات متوترة ومتصادمة. ومن خلال تقارب حذر مع إيران وتركيا، تستخدم أبو ظبي نهجًا أكثر واقعية في إدارة سياستها الخارجية لضمان أمنها القومي.

وباستخدام تأثير قوتها الناعمة والتفاوض من أجل دعم السلام والأمن في الخليج، سعت أبو ظبي بعد ثلاثة أيام من رئاستها لمجلس الأمن الدولي، للحصول على تأييد دولي بشأن وقف مصادر تمويل الإرهاب، وذلك عبر الدفع بتصويت المجلس على توسيع حظر توريد الأسلحة للمتمردين الحوثيين في اليمن المدعومين من إيران. وقد فرض مجلس الأمن الدولي حظر سلاح على حركة الحوثي اليمنية المتحالفة مع إيران وسط تساؤلات من دبلوماسيين عن الصلات بين دعم روسيا لهذه الخطوة وامتناع الإمارات عن المشاركة في تصويتين بالمجلس بشأن أوكرانيا. ونفت كل من الإمارات وروسيا التوصل إلى اتفاق بشأن أي تصويت. ويوسّع القرار حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة على العديد من قادة الحوثيين ليشمل الحركة بأكملها، وهو قرار اقترحته الإمارات بعد إعلان الحوثيين مسؤوليتهم عن عدد من الهجمات بطائرات مسيرة وصواريخ على الإمارات والسعودية. ولعلّ الخطة المقبلة قد تكون زيادة حشد دعم دولي لاستصدار عقوبات على الحوثيين باعتبارهم جماعة مسلّحة إرهابية مسؤولة عن جرائم حرب في اليمن وتفرض السيطرة بالقوة العسكرية، وهو ما يتنافى مع مبدأ مجلس الأمن المكلّف بنزع سلاح أي جماعة من شأنها تهديد أمن وسلم الشعوب.

ويهدف التحرك الاماراتي لزيادة حصار الحوثيين دولياً ومنع تمويلهم وصولاً الى زيادة عزلتهم ونزع سلاحهم وفرض منطق الحوار السلمي على قياداتهم كخيار وحيد لحلّ الأزمة اليمنية دون فرض إرادة غير شرعية عبر منطق استخدام القوة. هذا الملف تسعى ديبلوماسية أبو ظبي لزيادة تدويل مخاطره على مستويات مختلفة، بالاستفادة خاصة من عضوية مجلس الأمن ورئاسته هذا الشهر.

قرار تمديد حظر الأسلحة المفروض على الحوثيين في اليمن يعد أول نصر للديبلوماسية الاماراتية في تقييد ومحاصرة جهود تسلّح جماعة الحوثي وتقليص خطر وصوله لأسلحة فتاكة قد تهدد الأمن الخليجي برمته. فتصاعد وتيرة التهديدات الحوثية وتطورها من خلال استمرار استخدام طائرات مسيرة والتي تمثل مصادر تهديد مباشر للإمارات وقبلها السعودية[3]، أصبح متغيراً باعثا على عدم الاستقرار ويفرض تحركاً ديبلوماسيا خليجياً واسعاً لتوسيع دائرة الإدانة الدولية لإرهاب الحوثيين والدول الداعمة لهم خاصة إيران.

2022 ©  مركز الشرق الأوسط للاستشارات السياسية و الاستراتيجية MenaCC

 

المراجع:

[1] WILLIAM GUERAICHE, Kristian Alexander, Facets of Security in the United Arab Emirates,  2022, Routledge

340 Pages 14 B/W Illustrations
[2] MOHAMMAD BARHOUMA, The Reshaping of UAE Foreign Policy and Geopolitical Strategy, Jan 2022, carnegie, https://carnegieendowment.org/sada/86130
[3] Atlantic Council, Experts react: Iran-backed Houthis launched a drone attack in Abu Dhabi. What challenges lie ahead for the region?, MENASource, January 24, 2022, https://www.atlanticcouncil.org/blogs/menasource/experts-react-iran-backed-houthis-launch-drone-attack-in-abu-dhabi/